ثقافةتنمية ذاتيةفلسفةمدونتي

الروحانية :

الروحانية هي مفهوم يمتد عبر العديد من التقاليد والثقافات، وتعتبر من الجوانب الروحية والميتافيزيقية في الحياة. ترتبط الروحانية بالبعد اللاجسماني والأكثر عمقًا في الوجود البشري. تهدف الروحانية إلى استكشاف الروح والطاقة الحيوية والتواصل مع العوالم الأخرى التي تفوق الواقع المادي.

تعتمد الروحانية على الاعتقاد بوجود وجود روحي أو طاقة خفية في الكون، وأن هذه الروح أو الطاقة يمكن أن تؤثر على حياتنا وتعزز تواصلنا مع العالم الروحي والكون بأكمله. يمكن أن تتضمن الممارسات الروحانية الصلاة والتأمل والتركيز والتوجيه الداخلي، وتستخدم أيضًا وسائل مثل العبادة والطقوس والتمائم والأدوات الخاصة لتحقيق الاتصال مع الجوانب الروحية.

تعتبر الروحانية منارة للسلام الداخلي والتوازن الروحي والنمو الشخصي. فهي تشجعنا على استكشاف العمق الداخلي لذاتنا وتوجيهنا للبحث عن الهدف العميق لحياتنا. تعتقد الروحانية أن لدينا إمكانية تحقيق التوازن والسعادة الروحية عن طريق الاستفادة من القوة الداخلية والروحية التي نمتلكها.

الروحانية

رحلة الروح :

عاش الإنسان في هذا العالم لفترة طويلة من الزمن، وكان يمتلك المشاعر والأحاسيس. وقبل نزوله إلى الأرض، كنا ندرك حقيقة وجود الله سبحانه وتعالى.

إن هذا الإدراك هو الفطرة التي جئنا بها إلى هذه الدنيا، فقد زرع الله فينا التوحيد قبل قدومنا إلى الدنيا وزرع القيم الأخلاقية في وجداننا. ثم عندما نزلنا إلى الأرض، أرسل الله الأنبياء لتذكيرنا بهذه القيم.

في الحديث الشريف قال رسول الله “الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف” يشير إلى أننا التقينا من قبل. فهناك أرواحٌ في هذا العالم التي تعرف بعضها البعض وتؤلف، وهناك أرواحٌ تناكرت ولم تتألف بعضها البعض.

وهذا يفسر ما نحن عليه الآن في الحياة، عندما نلتقي بشخص لأول مرة وقد يكون هذا الشخص غريبًا عنا ولا يتحدث لغتنا، . ولكن نشعر كأننا رأيناه من قبل ونشعر بالانجذاب الشديد إليه، ونتساءل أين التقينا من قبل ومتى وكيف.

والعكس يحدث أيضاً عندما نشعر بالتنافر من شخص نراه لأول مرة، وربما يتحدث لغتنا ومن وطننا، وبغض النظر عما إذا كنا نتحدث معه أم لا، نشعر بضيق في الصدر لا مبرر له.

إن هذه المشاعر والأحاسيس البشرية التي تنتابنا بدون تبرير ، دليل قوي على أننا التقينا من قبل وعشنا حياة غير تلك التي نحن فيها الآن.

دليل الفطرة :

في سورة الأعراف “وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ” (الأعراف: 172) يذكر الله تعالى أنه أخذ ذرية بني آدم من ظهورهم. ويشير دليل الفطرة إلى أننا نعرف الله سبحانه وتعالى منذ البداية وأنه قد بين لنا وجوده وخلقنا على فطرة الإيمان بوحدانيته.

يعتبر الفطرة ميثاقًا يشهد عليه السلف وجميع الناس بتعاليمه، فهل كان هذا الاستخراج حقيقيًا أم أنها مجرد فطرة؟ والجواب هو أن كلا القولين يؤكدان أن الله أخذ اعتراف بني آدم على التوحيد وخلقهم على هذه الفطرة.

وقد شرح العلماء هذه المسألة، بمن فيهم ابن تيمية في كتابه “درء تعارض العقل والنقل”.

إذاً، معنى دليل الفطرة هو أنه لا يمكن لأي شخص أن ينكر وجود الله بطبيعته الإنسانية. فالإنسان يولد على فطرة الإيمان بالله و التوحيد، والتربية والمجتمع يمكنهم أن يجعلوا الإنسان يتبع اما الإسلام أو اليهودية أو المسيحية أو الوثنية، ولكن ذلك لا يلغي الحقيقة الأزلية.

فالإنسان يعرف الله بفطرته، وقد بين الله ذلك وفصله وخلق البشر على هذه الفطرة وأكد السلف هذا الأمر.

لذا، فالأصل في الإنسان أن يولد على فطرة الإيمان بالله والتوحيد. ومع ذلك، قد يتأثر الإنسان ويقبل التغيير ويتبع تعاليم مجتمعه وثقافته.

ومع ذلك، الدليل القوي هو أن الفطرة تظل موجودة داخل الإنسان وتشعره بالانجذاب أو التنافر عندما يلتقي بأشخاص لأول مرة.

كيف نستدل بالفطرة السليمة على الروحانية :

بناءً على الأدلة المذكورة، يمكن استنتاج النقاط التالية:

  1. الإنسان يولد على فطرة الإيمان بالله والتوحيد، وهذا الاعتراف بوحدانية الله جزء من طبيعة الإنسان.
  2. الفطرة هي ميثاق أزلي أخذه الله من ذرية بني آدم، مما يشير إلى أن الإنسان يعرف الله سبحانه وتعالى قبل نزوله إلى الأرض.
  3. تأثير التربية والبيئة يمكن أن يؤثر على الإنسان ويغير اتجاهاته ومعتقداته. لكن الفطرة تحافظ على وجودها و تعكس نفسها في المشاعر والانجذاب أو التنافر تجاه الآخرين.
  4. التعرف على الأشخاص والشعور بالانجذاب أو التنافر قد يكون دليلًا على أننا قابلنا بعضًا منهم في حياة سابقة أو أن هناك صلة تاريخية أو روحية تربطنا بهم.
  5. الدين الإسلامي يعتبر الدين القيم الذي وُلد عليه الإنسان، وهو الدين الأصلي الذي يتعرف عليه الإنسان بفطرته. ويمكن للتربية والثقافة أن تؤثر في توجهات الإنسان، ولكن الفطرة الإيمانية تبقى داخله وتنتظر الاكتشاف والتجديد.

الوجود الروحي :

في النهاية، يمكن القول بأن الفطرة الإيمانية تعكس جوهر الإنسان وتشعره بالانجذاب إلى الله والتوحيد. وتؤكد على أن للإنسان وجوداً روحياً قبل نزوله إلى الأرض. هذا الاكتشاف يدعم فكرة وجود عالم روحي أو واقع ما وراء ما نراه،

ويشير إلى أن هناك رحلة روحية تستمر من خلال الحياة، حيث يتفاعل الإنسان مع الأرواح الأخرى ويتأثر بتجاربه وعلاقاته الماضية. من خلال هذا الإدراك، يمكن للإنسان أن يسعى للتطور الروحي والبحث عن الحقيقة العميقة والمعنى الحقيقي للوجود.

علينا أن نفهم أن الفطرة لا تعني بالضرورة أن الإنسان يولد متمكنًا تمامًا من المعرفة الدينية أو الروحية. إنها بداية رحلة يتعين على الإنسان أن يستكشفها ويطورها. من خلال البحث والدراسة والتأمل، يمكن للإنسان أن يزيد من وعيه الروحي ويعمق ارتباطه بالله والروحانية.

البعد الروحي :

إن استيعاب هذه الحقائق يمكن أن يساعدنا على فهم البعد الروحي في حياتنا ويعزز الاهتمام بالنمو الروحي وتطوير العلاقة مع الله والآخرين. قد يؤدي الاكتشاف المستمر للفطرة والروحانية إلى تحقيق السلام الداخلي والرضا والتوازن في حياتنا.

لذا، على الانسان أن يعتني بجانبه الروحي ويسعى لتطويره من خلال العبادة والتأمل والتعلم. وأن يسعى للارتقاء بأخلاقه وتعامله مع الآخرين بالمحبة والإحسان.

قد يكون هذا هو الطريق الذي يساعدنا في تحقيق الوحدة مع الله والوصول إلى مستوى أعلى من الوعي الروحي والتواصل مع الحقيقة السامية للوجود.

في النهاية، يبقى الاكتشاف والتطور الروحي أمراً شخصياً يحتاج إلى التفرد والاهتمام الشخصي. علينا أن نبحث عن الحقيقة والروحانية بصدد تأمل واستكشاف مستمر، وأن نكون مستعدين لتبني الممارسات الروحية التي تناسبنا وتعزز رحلتنا الروحية الفردية.

يمكن أن تشمل هذه الممارسات الصلاة والمراقبة والتأمل والقراءة الروحية والمشاركة في الأنشطة الدينية والروحية المجتمعية.

كما يجب علينا أن نتعلم من الأنبياء والأولياء والحكماء الذين قدموا قدوة في الحياة الروحية. يمكننا أن نبحث عن النصائح والإرشادات من المصادر الدينية والفلسفية والروحية لتوجيهنا في رحلتنا.

علاوة على ذلك، يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا ونعترف بالجوانب الروحية في حياتنا. يمكن أن يكون من الصعب في بعض الأحيان التعامل مع الأمور الروحية بسبب الضغوطات اليومية والتشتت، ولكن علينا أن نمنح الوقت والجهد للتواصل مع الروح والتركيز على الأبعاد العميقة للحياة.

و أخيراً ، الروحانية ليست مفهومًا ثابتًا أو قائمًا بذاته، بل هي رحلة شخصية ومستمرة لاكتشاف الذات والوصول إلى مستويات أعلى من الوعي والتواصل مع العالم الروحي.

يجب علينا أن نتعامل معها بصدر رحب ونكون مستعدين للتغيير والتحول في طريقنا نحو النمو الروحي والتوازن الداخلي.

إقرأ المزيد :

طريقة تنفس الهولوتروبيك

ماهو تنفس الهولوتروبيك

شفرة كاليوبي سيكولوجية الإبداع

ماهو الاسقاط النجمي

الكارما

البوابات النجمية

مسارات الوعي

الموسيقى التحولية

ترددات الموسيقى الشفائية

شاهد جمال الطبيعة وألذ الوصفات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى