صحة ورشاقة

هكذا يؤدي تحسن الصحة النفسية إلى خفض تكاليف الرعاية الصحية

الاهتمام بالصحة النفسية يخفض معدلات الإصابة بالأمراض العضوية (Getty)

أكدت دراسة جديدة لمجموعة من خبراء الصحة العامة في الدنمارك والمملكة المتحدة أهمية الصحة النفسية والعقلية في خفض الإنفاق العام على الرعاية الصحية، وأنها قد تكون سبباً في تطور المجتمع ونموه.

واعتبرت الدراسة أن الحكومات تميل إلى تركيز الإنفاق العام على علاج الأمراض والوقاية منها، وتوفير الرعاية للمرضى، في حين أن مثل هذه الاستراتيجيات وحدها لن تزيد من مستويات الرفاهية العقلية بشكل عام، داعين الحكومات إلى تبني سياسات داعمة للصحة النفسية، لأن تحسين الرفاهية العقلية للسكان يؤدي إلى تحسن الصحة العامة، كما أنه مفيد من منظور اقتصادي، حسب ما أوردت صحيفة الإندبندنت البريطانية.

وقيم الخبراء الصحة العقلية لـ3508 مشاركين دنماركيين منذ عام 2016، باستخدام مقياس “وارويك- إدنبرة” للصحة العقلية، والذي يتكون من 14 سؤالاً، من بينها درجة تفاؤل الشخص، ومشاعر الثقة، وما إذا كان يشعر بالراحة أو الاهتمام بأشياء جديدة، وكلما كانت النتيجة أعلى، كانت الصحة العقلية أفضل.

وتطرقت الدراسة إلى نوعين من الإنفاق الحكومي في الدنمارك، وهما نفقات الرعاية الصحية لكل شخص، ومستحقات المرض لكل شخص، ووجد الخبراء أن زيادة الصحة العقلية خفضت تكلفة الرعاية الصحية بنحو 43 دولارا لكل شخص، كما خفضت نحو 23 دولاراً من مستحقات المرض، وقالوا: “قد لا يبدو هذا التأثير كبيرا، لكن على افتراض أن هناك بلدة، يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة، شهدت زيادة في الصحة العقلية بمعدل نقطة واحدة، فإن التحسن الجماعي في الصحة العقلية للمدينة سيترافق مع خفض نحو مليوني دولار في تكاليف الرعاية الصحية، ونحو مليون دولار في تحويلات إعانات المرض خلال العام التالي”.

تعريفات

وحسب تعريف الخبراء، فإن الصحة النفسية قد تكون مصطلحاً شاملاً ينطوي على الشعور بالسوء، أو سوء الأداء، وحالات مختلفة من الاكتئاب أو القلق، والتي قد تؤثر على العاطفة والتفكير والسلوك، وقد تشمل الأعراض الحزن والتعب والشعور بالوحدة، أو عدم القدرة على التركيز على أشياء مهمة.

فيما يتم تعريف الرفاهية العقلية على أنها الشعور الجيد، والعمل بشكل جيد، وقد تشمل التفاؤل، والشعور بالحيوية، والتواصل الجيد مع الآخرين، أو القدرة على التفكير بوضوح، والرفاهية العقلية هي أكثر من مجرد عدم وجود مرض عقلي.

وتميل التقييمات الاقتصادية إلى التركيز على تكاليف المرض النفسي، وليس على المدخرات الكبيرة التي قد تولدها الرفاهية العقلية، ومع ذلك، فإن الرفاهية العقلية تنبئ بالصحة البدنية وطول العمر، ومن ذلك على سبيل المثال، تحسين المناعة، وزيادة النشاط البدني، والتعافي بشكل أسرع من الأمراض الجسدية، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية، والنوبات القلبية، والسكتة الدماغية.

ووفق الخبراء، فإن هذا التقييم غير كاف، بل يجب على الحكومات أن تركز على كيفية زيادة الاهتمام بالرعاية الصحية النفسية، قبل أن يصاب الأفراد بأمراض نفسية.

الرفاهية العقلية

ومع ذلك، فمن أجل تحسين الرفاهية العقلية للجميع، يرى الخبراء أنه على الحكومات العمل مع المنظمات المجتمعية والبلديات لخلق بيئات، أو تعزيز السلوك الذي يحمي الصحة العقلية، ويعزز الرفاهية، وعلى المستوى الفردي، تعتبر أشياء مثل الرعاية الذاتية، واليقظة، والتركيز، كلها طرقًا فعالة لتعزيز الرفاهية العقلية، كما أن بقاء الفرد نشطًا بدنياً وعقليا واجتماعيًا، والحفاظ على الروابط الاجتماعية الوثيقة، والمشاركة في الأعمال الخيرية أو العمل التطوعي، كلها مبادئ أساسية لتحسين الرفاهية العقلية.

وتشير الدراسة إلى أن تعزيز الصحة العقلية عالمياً لا يساعد الأشخاص على المستوى الفردي فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى انتشار الرفاهية العقلية من شخص إلى آخر، وهذا مهم لأنه في النهاية كلما زاد عدد الأشخاص الموجودين في مجتمع يتمتع بمستويات عالية من الرفاهية العقلية، انخفضت التكاليف التي تدفعها الحكومة للرعاية الصحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى