صحة ورشاقة

كيف يمكن لبعض الناس أن يأكلوا أي شيء ولا يكسبوا وزناً؟

للتمثيل الغذائي الخاص بالإنسان ثلاث وظائف رئيسية (مات كاردي/ Getty)

لطالما تردّدت على مسامعنا عبارة: “التمثيل الغذائي لدي بطيء جداً، لن أفقد أيّ وزن أبداً. هذه العبارة تشكّل هاجساً لدى الكثير منّا، فعندما يتحدث الناس عن التمثيل الغذائي السريع أو البطيء، فإنّ ما يقصدونه حقاً هو عدد السعرات الحرارية التي تحرقها أجسامهم أثناء ممارسة مهامهم خلال اليوم. في الحقيقة، الفكرة الرئيسية، هي أنّ الشخص الذي يعاني من عملية التمثيل الغذائي البطيء لن يستخدم نفس القدر من الطاقة للقيام بنفس المهمة التي يقوم بها الشخص الذي يعاني من عملية التمثيل الغذائي السريع، وبالتالي فإنّ الأمر لا يتعلّق بالسعرات الحرارية، بل بعدة عوامل”.

هذه النتجية، عرضتها تيريزي تولار بيترسون، أستاذة مشاركة في علوم الأغذية والتغذية وتعزيز الصحة، في جامعة ولاية ميسيسيبي الأميركية، في تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”.

بحسب التقرير، فإنّ العوامل البيولوجية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية تؤثّر على تكوين الجسم، ولذا مهما كانت السرعة الحالية لعملية التمثيل الغذائي، فهناك أشياء ستدفعه إلى الحرق أقل أو أكثر.

احتياجات الجسم من الطاقة

يشير التمثيل الغذائي – وهو مصطلح بيولوجي – إلى جميع التفاعلات الكيميائية اللازمة للحفاظ على الحياة في الكائن الحي. يُنجز التمثيل الغذائي الخاص بالإنسان ثلاث وظائف رئيسية: تحويل الطعام إلى طاقة، تحطيم الطعام إلى اللبنات الأساسية للبروتين والدهون والحمض النووي وبعض الكربوهيدرات، والقضاء على نفايات النيتروجين. وبحسب التقرير، إن كان الشخص يعاني من سرعة التمثيل الغذائي، من المحتمل أنه يركّز على مقدار الطاقة التي يحصل عليها من الأطعمة التي يتناولها ومقدار استهلاك جسمه لهذه الطاقة، إذ تقاس قيمة الطاقة للطعام بالسعرات الحرارية.

تقول بيترسون: “يمكن قياس معدّلات الحرق بالجسم من خلال قياس معدّل الأيض الأساسي، وهو الحد الأدنى من السعرات الحرارية المطلوبة للوظائف الأساسية أثناء الراحة، أي هو مقدار السعرات الحرارية التي يستخدمها الجسم أثناء الراحة أو النوم – حوالي 60 إلى 65 % من إجمالي الإنفاق الذي يقوم به الشخص”.

 

بالأرقام… هذه هي المعادلة

تتراوح احتياجات السعرات الحرارية اليومية المقدّرة للمرأة التي تزن 126 رطلاً نحو 57 كلغ (كل رطل يساوي نصف كيلوغرام) من 1600 إلى 2400 سعرة حرارية في اليوم. بالنسبة للرجل الذي يبلغ وزنه 154 رطلاً (69 كلغ)، يمكن أن تتراوح احتياجات السعرات الحرارية اليومية من حوالي 2000 إلى 3000 سعرة حرارية في اليوم، أي حوالي 13 سعرة حرارية لكلّ رطل من وزن الجسم.

في المقابل، يحرق الأطفال حوالي 50 سعرة حرارية لكلّ رطل من الوزن يومياً، وهذا المطلب يتناقص باستمرار مع تقدم الطفل في العمر. لذا فإنّ الرضع لديهم أعلى معدل أيض على الإطلاق، لأنّ هذه السعرات الحرارية الزائدة ضرورية للنمو.

عادة، ما يربط الناس بين معدلات الأيض المرتفعة بزيادة السعرات الحرارية، بمعنى كلما زادت السعرات الحرارية، زادت عملية الأيض، إلّا أنّ هذه المعادلة ليست مؤكدة، بحسب بيترسون، لأنّ معدل زيادة الأيض مرتبط بالنشاط البدني الذي يقوم به الشخص.

خارج نطاقات المبادئ التوجيهية التقريبية، تقول بيترسون “هناك العديد من الطرق لمعرفة احتياجات الجسم المحدّدة من السعرات الحرارية، وإحدى الطرق الشائعة والسهلة هي استخدام الصيغ التنبؤية مثل Mifflin-St، معادلات جيور أو هاريس بنديكت، والتي تستند إلى عمر الشخص، طوله، وزنه، وجنسه لمعرفة مقدار الطاقة التي يحتاجها الجسم فقط للبقاء على قيد الحياة، وهي وسائل تساعد في معرفة كيفية عمل الأيض لكل شخص”.

عوامل خارجية

يختلف معدل التمثيل الغذائي ومتطلبات السعرات الحرارية من شخص لآخر بحسب عوامل الوراثة والجنس والعمر وتكوين الجسم ومقدار التمارين التي يمارسها الشخص. قد تؤثر الحالة الصحية وبعض الحالات الطبية أيضاً على عملية التمثيل الغذائي، على سبيل المثال، تقول بيترسون: “أحد المنظمين لعملية التمثيل الغذائي هي الغدة الدرقية، وتقع في الجزء الأمامي من الرقبة أسفل تفاحة آدم، فكلّما زاد إنتاج الغدة الدرقية لهرموناتها، ارتفع معدل الأيض الأساسي لهذا الشخص”.

وتضيف: “يمكن أن تؤثّر الحمى على معدل الأيض الأساسي للشخص، فلكلّ زيادة بمقدار 0.9 درجة فهرنهايت في درجة حرارة الجسم الداخلية، يزداد معدل الأيض الأساسي بنسبة 7% تقريباً”.

كذلك يمكن أن تشمل الحالات الطبية الأخرى التي تؤثر على معدل الأيض الأساسي، مثل هزال العضلات (ضمور)، والجوع لفترات طويلة، وانخفاض مستويات الأكسجين في الجسم، واضطرابات العضلات، والاكتئاب ومرض السكري.

بالإضافة إلى ذلك، تذكر تيريزي تولار بيترسون عاملاً مهماً آخر هو تكوين الجسم، وهو يتعلق بالدهون. فإنّ المرأة ذات الوزن الزائد مع تكوين جسمها بنسبة 40% من دهون الجسم و75 رطلاً من كتلة العضلات، ستحرق سعرات حرارية أقل أثناء الراحة، مقارنة مع المرأة التي لديها 30% من الدهون في الجسم و 110 أرطال من كتلة العضلات، فالنسيج العضلي أكثر نشاطاً في التمثيل الغذائي من الأنسجة الدهنية في الجسم.

وهذا هو السبب أيضاً في انخفاض معدل الأيض الأساسي مع تقدم العمر. فمع تقدم الناس في السن، يفقدون عادةً كتلة العضلات ويكتسبون الأنسجة الدهنية – وهو ما يعادل انخفاضاً في معدل الأيض الأساسي بنسبة 1 إلى 2% تقريباً كل عقد.

وتقول بيترسون: “إن كنت تريد حقاً إعطاء عملية التمثيل الغذائي صدمة، فإنّ أسهل طريقة لذلك هي زيادة كتلة العضلات ومستوى النشاط، فمن خلال زيادة كتلة العضلات، ستزيد أيضاً من العدد الأساسي للسعرات الحرارية اللازمة للحفاظ على تلك العضلات”.

وتختم حديثها بحسب صحيفة “واشنطن بوست” قائلةً: “بدل الشكوى من بطء عملية التمثيل الغذائي، يمكنك محاولة رفعها لتكون أسرع قليلاً على الأقل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى