خاطرةمدونتي

إنسلاخ الروح

على قمة الجبل يوجد كوخ مهجورٌ كَهجرها له ، باردٌ كَبرودةِ قلبه ، موُحِش كَعقله..

سقط على الأرض متكوراً يحتضن جسده ، سمع صوت أنفاسها المنتظم لينظر لها وعيناه قد لفهما الضباب شعر بألم يعتصره من هيئتها ،

حاول أن يعتذر لكنها مشيحة بنظرها ترتدي ثوب أبيض مهترئ ذو أسمالٍ بالية مليئ ببقع الدم والقذارات ،

بدى مظهرها وشهقاتها العالية كأنها تحتضر ، تحامل على جسده وحاول الاقتراب منها لتختفي وتظهر على بعد عدة أمتار ،

هو يعلم انه استنفذ غفرانها كاملاً و لم تعد تريده ، انسلخت عنه ومزقت عقد عبوديتها ، سئمت من سوطه الغليظ الذي مزق قلبها قبل جسدها لتخرج منه وهي راضية.
نظرت له باشمئزاز وهو يبكي بهستيرية ويردد أنهم يقتربون ، احميني
ليصرخ برعب و يزحف نحو الخلف ليصتدم بالحائط أمعن النظر بها ليراها من بين كومة الضباب التي عادت تمنع عنه الرؤية

لقد كانت ترتفع قليلا عن الأرض وقد تبدل ثوبها لآخر مزين بالمرجان الابيض والأحجار اللامعة،

فتح فمه من هول الصدمة يحاول حماية آخر ما تبقى من حواسه عندما رأى الكدمات الزرقاء
والدماء المتخثر عند شفتيها قد اختفى ليزيد خوفه عندما هبطت

وأخذت تقترب منه إلى أن وصلت لمستوى أذنه التي كانت ترتجف مع ارتجاف جسده ،

انتهى صبري أيها الجرذ الجبان ولكم كرهت أنني روحك وانتمي لك ،
لم تدرك يوما انني كنت السد المنيع الذي يتلقى سوطك وسوط أنفاسك القذرة لكي أحمي عقلك من الجنون،

فتح عيناه بذهول وتساءل لتقهقه عالياً وتردف بشيء من الشفقة ستفهم عندما تراهم ايها المنفصم فالتتجرع القليل.

اعتدلت في وقفتها لتبصق عليه .

نظر نحو الأرض بِذُل وندم لِتُفتَح النافذة الخشبية فجأة وتبدأ بالطيران كأنها جنية من قصص الخيال خرَّ على الأرض منتحباً ..

بدأ الكوخ بالاهتزاز ليرى نسخٌ كثيرة تشبهه منهم من يحمل منجلاً ومنهم من يحمل سوطاً ضخمٌ

ومنهم من كانت يديه على شكل مِلقط حديدي به الكثير من المسامير المدببة تميزت عيونهم بالسواد وانيابهم بالبياض الناصع

مشى بنظره عليهم وحاول عدهم لكنه توقف عندما وصل إلى النسخة الخامسة عشر وبدأ بالضحك الممزوج مع العويل .

لتكمل هي رحلتها نحو حريتها المسلوبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى