صحة ورشاقة

والد الطفلة صوفي مشلب: نقابة الأطباء في لبنان تقرّ بحصول خطأ طبي

أكدت مصادر لـ”العربي الجديد”، اليوم الثلاثاء، أنّ مجلس نقابة الأطباء في لبنان أقرّ بحصول خطأ طبي في حالة الطفلة صوفي مشلب، فيما ينتظر أن تبت لجنة القضايا القانونية في تقرير لجنة التحقيقات المهنية في النقابة، قبل إصداره والإعلان عنه.

وكانت وسائل إعلام محلية قد ذكرت أن مجلس النقابة أقرّ بإجماع تسعة من أعضائه بحصول خطأ طبي في حالة الطفلة صوفي مشلب، مشيرة إلى أنّ الخطأ حصل نتيجة تعرّض الطفلة لجرعة زائدة 4 أضعاف من المخدّر (البنج) تسبّبت بنقصٍ في تروية نسيجية في الدماغ وأدت إلى تلفه مع حصول انخفاض كبير في الضغط خلال العملية وبعدها في مرحلة الإنعاش، وأن ذلك ترافق مع مخالفة معايير السلامة من قبل الأطباء والمستشفى في ظلّ غياب مراقبة الضغط في العمليات الجراحية التي أجريت للطفلة.

وتواصل “العربي الجديد” مع نقيب الأطباء شرف أبو شرف، غير أنه فضّل في اتصال هاتفي عدم التعليق على الموضوع قبل أن يصدر بشأنه بيان رسمي عن النقابة، واضعاً الملف ضمن القضايا القانونية التي ينتظر البت بها أولاً.

بدوره، يقول فوزي مشلب، والد الطفلة، لـ”العربي الجديد”، إنه تأكد من صدور التقرير عن لجنة التحقيقات المهنية وجرى عرضه، الخميس الماضي، على مجلس نقابة الأطباء، الذي صوّت عليه بالإجماع وصدّقه، أمس الإثنين، وهو ينتظر أن يتسلّمه.

ويشير إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد القرار الظني الذي صدر في فبراير/شباط 2020 بإدانة نقيب الأطباء السابق ريمون صايغ ورئيسة لجنة التحقيقات السابقة كلود سمعان بجرم تزوير التقرير الطبي في جريمة تصل عقوبتها إلى سنتي سجن، والعدالة عادت وتحققت، مؤكداً أن زمن حماية النقابة للطبيب على حساب المريض ومخالفة المستشفيات للمعايير الطبية قد ولّى.

ويلفت والد صوفي إلى إنه بعد صدور القرار الظني، قدّم طلباً لنقيب الأطباء الحالي شرف أبو شرف بفتح تحقيق جديد مرفق بكل المستندات والاعترافات والتحقيقات وجرى عرضه بكل شفافية.

ويشدد مشلب على أن “النقابة التي اعتدنا على أن يصبّ عملها في إطار حماية الأطباء والمستشفيات، ها هي اليوم تقرّ بالرابطة السببية بين الضرر والخطأ، والمسار القضائي بهذه الحالة بات شبه مبرم وسريع، ما نضعه في دائرة الانتصار خصوصاً للجسم الطبي وسمعة لبنان في هذا المجال، ويعيد ثقة المواطن، سواء اللبناني أو الأجنبي بالقطاع الطبي في بلدنا”.

وفي متابعة لحالة طفلته صوفي، يقول الوالد: “ابنتي لا ترى، ودماغها تعرّض للتلف نتيجة الأخطاء الطبية المرتبطة بالعملية التي خضعت لها عام 2015 في مستشفى القديس جاورجيوس في بيروت عندما كانت لا تزال في شهرها الأول، كما أصيبت بالشلل وليس باستطاعتها السير ولا الكلام أو حتى تناول الطعام، وقد أجريت لها عملية جراحية بهدف إدخال الأطعمة مباشرةً إلى معدتها، كذلك لا يمكن لصوفي أن تحرك يديها، ووضعها كارثي ومأساوي، وكل يوم تموت أمامنا”.

ويضيف: “ابنتي لا يمكنها رؤيتي، بل فقط تسمع صوتي وتحاول جاهدةً أن تدير رأسها باتجاه الصوت حتى تراني، هل هناك ما هو أبشع وأسوأ من هذا الشعور الذي لا علاج له أيضاً؟”، لافتاً إلى أنّ “وضع صوفي يتطلّب متابعة دائمة ومستمرّة، ونحن نقدم لها الدعم الذي تحتاجه، وهناك ثلاث فتيات يساعدن صوفي إضافة إليّ وإلى والدتها والعائلة”.

ويعتبر مشلب أن طفلته لم تعانِ فقط جسدياً وصحياً نتيجة الأخطاء الطبية بل واجهت نقابة بأكملها كانت تدافع عن الأطباء وتحصّنهم من المحاسبة والمساءلة والعقوبات المسلكية وتتستّر عليهم وتخفي الحقيقة بشهادات كاذبة وتزوير رغم فداحة الخطأ الطبي وتداعياته الكارثية على صوفي.

وكان مشلب قد ادعى على مستشفى القديس جاورجيوس وأربعة أطباء بتهمة الخطأ الطبي، عدا عن الدعويين بحق طبيبين بجرم إعطاء شهادة كاذبة.

ويضع مشلب قضية صوفي في خانة واحدة مع الطفلة إيللا طنوس، حيث إن “المصيبة نفسها جمعتهما”، خصوصاً لناحية التزوير الذي اعتمدته كلود سمعان، متمنياً أن يضع القاضي طارق البيطار، رئيس محكمة استئناف الجنح في بيروت، يده على قضية ابنته كما فعل مع إيللا، التي أنصفها ولو بجزء صغير باعتبار أنه لا شيء يمكن أن يعوض ما خسرته وتعاني منه.

وأصدرت محكمة استئناف الجنح في بيروت برئاسة القاضي البيطار، أخيراً، حكماً يلزم مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت ومستشفى سيدة المعونات في جبيل (شمالي بيروت)، والطبيبَيْن عصام معلوف ورنا شرارة بأن يدفعوا بالتكافل والتضامن للطفلة طنوس مبلغ تسعة مليارات ليرة لبنانية (6 ملايين دولار وفق سعر الصرف الرسمي للدولار 1515 ليرة)، بدل عطل وضرر، بالإضافة إلى دخل شهري لمدى الحياة يقدر بأربعة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور، ولكلّ من الوالدَيْن مبلغ 500 مليون ليرة لبنانية، وذلك نتيجة الخطأ الطبي الذي أدى إلى بتر أطرافها الأربعة عام 2015. علماً أن القرار لم تتقبله نقابة الأطباء واعتبرته مجحفاً، فكان أن أضربت مع نقابة المستشفيات لمدة أسبوع اعتراضاً على الحكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى