فن ومشاهير

كارول عبود: على الممثل أن يصنع الفرص بنفسه

عبّود: لم أتوقّف عن العمل منذ عام 2019 (العربي الجديد)

تتميّز الممثلة اللبنانية كارول عبّود بحضورها القوي في مختلف الأعمال التمثيلية التي تشارك فيها، وتطبعها بأدائها المتفرّد في تحويل أدوارها إلى مادة فنية عميقة تعكس تناقضات النفس البشرية. فصاحبة المسيرة المتشعّبة في السينما والمسرح والتلفزيون، لعبت أدوار البطولة على خشبة كبار المسرحيين، وبرزت في الأدوار الأولى على الشاشة الكبيرة من خلال مشاركتها في أفلام طبعت حقبة مهمّة من تاريخ السينما في لبنان. أما درامياً، فبعد مشاركتها في  بطولة ثلاثة مسلسلات في رمضان الماضي، تطلّ عبّود حالياً في مسلسل “حادث قلب”، كما تستعدّ لسلسلة أعمال محليّة وعربية تكشف عنها في هذا الحوار الخاص الذي أجرته معها “العربي الجديد”.

كارول التي تشارك حالياً بشخصية “ليلى” في مسلسل “حادث قلب” من كتابة وليد زيدان وإخراج رندا علم، تقر بأن الموسم الدرامي الماضي أعادها بقوّة إلى دائرة الضوء التلفزيوني بعد مشاركتها في بطولة ثلاثة أعمال هي “مرايا الزمن” والنحّات” و”أولاد آدم”، إذْ أدّت في هذا الأخير شخصية السجينة “عبلة” ببراعة استثنائية حصدت عنها نجاحاً كبيراً. الممثلة التي تصفها الصحافة بـ “سيدة الأدوار المركبة” و”وحشة التمثيل” تقول: “الدنيا كلها خيارات ومن الصعب جداً أن يبقى الممثل محافظاً على مستوى أعماله. بالطبع أفرح كثيراً بما يُكتَب فهذا ما سيبقى بعد أن أرحل أنا، لأنَّ الممثل بات للأسف يُذكَر بعد وفاته بكلمتين رثائيتين وعبارة (انتقل إلى رحمته تعالى) بينما يمضي أحياناً عمراً بكامله من دون أن ينال حقه. ومع أن الثناء جميل ومهم جداً، ولكنني أحاول أن أنسى ما كُتِب لكي أحافظ على هذا التحدي بيني وبين نفسي وأثابر دوماً لأتفوّق، لأن التفوّق بالنسبة لي يكون دائماً على نفسي إذ لم أسعَ مرةً في حياتي للتفوّق على غيري”.
عبّود التي بدأت مشوارها التمثيلي عندما لم تكن تتخطّى السابعة عشرة من عمرها، لم تشق دربها نحو البطولات والأدوار المركّبة بسهولة بل مرّت بكل المراحل الصعبة في بلدٍ كان انتهى لتوّه من حرب أهلية دامت أكثر من ثلاثين عاماً.

درست التمثيل والإخراج في لبنان وتابعت دراستها العليا في المجال نفسه في باريس عندما غادرت البلد عام 2001

الشابّة الطموح درست التمثيل والإخراج في لبنان وتابعت دراستها العليا في المجال نفسه في باريس عندما غادرت البلد عام 2001. تعاملت في بدايتها مع كبار المسرحيين من أمثال يعقوب الشدراوي وروجيه عساف، ولمعت في الدراما التلفزيونية في أواسط التسعينات بمشاركتها في مسلسل “العاصفة تهب مرتين” للكاتب شكري أنيس فاخوري، والذي حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً. عندما تستعيد عبود تلك الحقبة تقول: “أشعر بأنني أتحدّث عن فترة لن تعود وكأنها حياة أخرى بعيدة. فعلى رغم غزارتها وتنوّعها إلا أننا بتنا اليوم في زمن مختلف تماماً حيث يجاهد الممثل من أجل صناعة شيء ذي معنى”. 
وعما إذا كانت اليوم تفكّر في مغادرة البلد في ظل الظروف الراهنة، تقول: “أعطيت نفسي مهلةً لغاية رأس السنة الماضية، ولكن الحقيقة هي أنني لم أتوقّف عن العمل منذ العام 2019 بين المسرح والسينما والتلفزيون. ولا شك أن قرار المغادرة اليوم يختلف عن القرار الذي اتخذته منذ أكثر من 20 عاماً لمتابعة الدراسة في الخارج… ليس سهلاً أن أبدأ في هذه المرحلة حياتي من الصفر. ناهيك عن أن كل البلدان مقفلة وكل الأماكن منكوبة. العالم ليس بخير”.

أفرح كثيراً عندما أرى ممثلين من أمثال فيفيان أنطونيوس وسواها ممن يقررون دخول مجال الكتابة الدرامية. هي ممثلة، ولكن عندما تقوم بالمبادرة وتكتب بنفسها مسلسلاً، فهي تخلق بذلك فرصاً لنفسها ولغيرها من الممثلين

كيف ينجو الممثل إذاً من هذه النكبة الكونية؟ تجيب: “على الممثل أن ينتظر الفرص أو أن يصنعها بنفسه.  وأنا أفرح كثيراً عندما أرى ممثلين من أمثال فيفيان أنطونيوس وسواها ممن يقررون دخول مجال الكتابة الدرامية. هي ممثلة، ولكن عندما تقوم بالمبادرة وتكتب بنفسها مسلسلاً، فهي تخلق بذلك فرصاً لنفسها ولغيرها من الممثلين. أفرح أيضاً للممثلين الذين يدخلون على خط الإنتاج لأنهم يحاولون أن يفتحوا الأبواب الموصدة. فالممثل إن لم يبادر سيكون عليه الانتظار. وإذا حالفه الحظ، يحظى بالفرص التي ينتظرها وإلا أمضى عمره مُنتظِراً”. 

عبّود التي دخلت بنفسها على خط الإنتاج وأسست شركتها الخاصة لهذا الهدف، أنتجت أعمالاً توثيقية نالت نجاحاً كبيراً وعرض معظمها في مهرجانات سينمائية أو تمّت مناقشتها مع طلاّب الفنون في الجامعات. وهي تستمرّ بدعم المشاريع السينمائية المستقلّة إنتاجاً ومشاركةً تمثيلية وآخرها فيلم قصير بعنوان “أميغدالا” لدانا عبد الصمد. 

وعن تغيّر الظروف الإنتاجية في السينما والمسرح والتلفزيون تقول: “الكون كله في أزمة وليس لبنان فقط. الذين قالوا إن ما بعد كورونا ليس كما قبلها لم يخطئوا فالبشرية كلها تتجه إلى شكل آخر للحياة مختلف كلياً عما عرفناه وبالتالي طرق التواصل وطبيعة العرض الترفيهي أصبح شكلها مختلفاً”. في ظلّ هذا الواقع الجديد ترى الممثلة المخضرمة أن “الدراما التلفزيونية هي خشبة الخلاص الوحيدة، لأنَّ العالم كله أصبح أمام الشاشات يتابع الأخبار أو المسلسلات وأنا أوّلهم وهذا هو واقع الحال. والتوجّه اليوم هو نحو منصات العرض الرقمية سواء أكانت عربية أم عالمية”، لافتةً الى أن “المسلسلين اللذين شاركت فيهما العام الماضي وهما (أولاد آدم) و(النحات) موجودان على منصة (نتفليكس). وهذا يؤمن لنا كممثلين انتشاراً مهما. فالمنصات هي مستقبل سوق العرض، وعودة الناس إلى الصالات ستستغرق وقتاً طويلاً”. 

وضعت عهداً على نفسي منذ زمن بعيد ألا أساوم على حساب هذه المهنة. فهذه مهنتي وأعتاش منها، ولكنني لا أعمل لكي أعيش لأنها مهنة مقدسة بالنسبة لي

وعن ابتعادها عن الأعمال الدرامية لفترة طويلة نسبياً، تقول: “وضعت عهداً على نفسي منذ زمن بعيد ألا أساوم على حساب هذه المهنة. فهذه مهنتي وأعتاش منها، ولكنني لا أعمل لكي أعيش لأنها مهنة مقدسة بالنسبة لي. قد أكون مستعدة لأن أموت من الجوع أو على أقل تقدير، لكي لا نبالغ، أكون مستعدّة لأن أبقى بلا عمل لسنوات وقد فعلتها عندما عرض علي سابقاً الكثير من المسلسلات وكنت أرفض بمجرد أن أقرأ النص عندما أشعر أن الدور غير مناسب لي”.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى