صحة ورشاقة

“حبة بغداد” تقلق سكان ديالى

تسجّل محافظة ديالى الواقعة شمال شرقي العراق، إصابات عديدة بداء الليشمانيا الذي يُعرف شعبياً باسم “حبة بغداد“، وهو ثاني أكثر الأمراض المعدية انتشاراً بعد كوفيد-19 الذي يتسبب فيه فيروس كورونا الجديد في المحافظة، بحسب ما أكدته دائرة صحة ديالى أخيراً. ويقول المتحدث باسم دائرة الصحة في محافظة ديالى، فارس العزاوي، إنّ “حبة بغداد تنتشر بشكل لافت في مناطق عدة من ديالى في الآونة الأخيرة، علماً أنّها من الأمراض المستوطنة في المحافظة”، موضحاً أنّ “عدم اضطلاع بعض الدوائر ذات العلاقة، منها البلدية والمستشفى البيطري، بدورها الهادف إلى منع عوامل بروز هذا المرض الناتج عن التقارب بين الإنسان والحيوانات، أدّى إلى زيادة الإصابات خصوصاً في المناطق الزراعية”.
ويشير العزاوي إلى أنّ “علاجات حبة بغداد متوفرة في مؤسسات الصحة، غير أنّ مستوى الإصابات مرتفع، الأمر الذي يستدعي جهوداً داعمة لدائرة الصحة في التوعية والتثقيف ومعالجة أسباب انتشاره”، مضيفاً أنّ “عشرات الإصابات سُجّلت في مناطق مختلفة من المحافظة”. وهذا ما تؤكده مصادر طبية في المحافظة لـ”العربي الجديد”، موضحة أنّ “الإصابات بمعظمها تأتي في مناطق شمال وشمال شرقي ديالى وكذلك في محافظة السليمانية”. وتفيد المصادر نفسها بأنّ “سبب عودة المرض بهذه الشدة هو تجريف عشرات من البساتين، ما أدّى إلى انتشار الحشرات المسبّبة للمرض ودخولها الى المدن والأحياء القريبة”، لافتة إلى أنّه “كان من المفترض أن تقوم عملية تطهير ورشّ مبيدات بعد ذلك، لكنّ البساتين والأحراج تُركت بعد تجريفها مع مستنقعات مياه كبيرة تُعَدّ بيئة مناسبة للمرض”.

الجريمة والعقاب

التحديثات الحية

في سياق متصل، تشرح الطبيبة العامة آلاء علي ماهية “حبة بغداد”، قائلة إنّها “تظهر بعد فترة تمتدّ من أسبوع إلى ثمانية أشهر من التعرّض إلى لسعة الحشرة التي تحمل الطفيلي، فيظهر المرض على شكل حبة واحدة حمراء أو حبوب عدّة تكبر تدريجياً ليصل قطرها إلى سنتيمترَين اثنَين. وفي خلال أسابيع، يميل لونها إلى البنفسجي الداكن وقد تكتسي الحبة بطبقة من الصديد الجاف في مركزها وقد تتقرح في بعض الأحيان وتكون شبيهة نوعاً ما بفوهة بركان. وحبة بغداد غير مؤلمة في العادة، لكنّ ألماً قد يصاحبها في حال حصول التهابات بكتيرية ثانوية”. تضيف علي لـ”العربي الجديد” أنّ “عوامل عدّة تساهم في الإصابة بحبة بغداد، منها الأوضاع المعيشية والبيئية وسوء التغذية، إذ إنّ الأفراد الذين يعانون من سوء التغذية هم من الأكثر عرضة للإصابة بداء الليشمانيا. وثمّة أدلة على استعداد وراثي للإصابة لدى آخرين. وفي إمكان الحشرة أن تلدغ أيّ شخص في المناطق التي ينتشر فيها طفيلي الليشمانيا، لكنّ الأمر أكثر شيوعاً في المناطق الريفية. كذلك قد يؤدّي المرض إلى مضاعفات خطرة من قبيل النزيف والتهابات تهدّد حياة المصاب نتيجة ضعف جهاز المناعة”. 

طفلة وداء الليشمانيا (الأناضول)

طفلة وداء الليشمانيا (الأناضول)

وعن العلاج، تقول علي إنّ “الحقن بعقار بنتوستام يُعَدّ من العلاجات الناجعة، لكنّه قد يكون مكلفاً. والعلاج يأتي على شكل حقن موضعية تؤلم المريض عادة، ويتطلب جلسات متعددة مرّة في الأسبوع. وفائدة هذا العلاج هي في الإسراع بشفاء الحبة والتقليل من احتمالية تركها أثراً في مكان الإصابة. وقد تطول مدة العلاج في معظم الأحيان إلى عام كامل حتى يتمّ الشفاء منها، من هنا يُطلق كذلك على هذا المرض اسم مرض السَنة”. وتوضح علي التي تعمل في مستشفى الكاظمية التعليمي شمالي بغداد، أنّ “الاشخاص يصابون بهذا المرض من خلال تعرّضهم للدغ أنثى من البعوض تسمّى حشرة الرمل تتميّز بحجمها الصغير، علماً أنّها لا تصدر أيّ صوت، بالتالي فإنّها صامتة في طيرانها الذي يكون في فترات المساء. ونجد هذه الحشرة في المناخات الحارة الرطبة، من هنا هي أكثر انتشاراً في فصل الصيف”. وتذكر أنّ “الإنسان يُصاب بهذا المرض مرّة واحدة في العمر، وتترك الإصابة أثراً متفاوت الحجم وتشوهاً يختلف بين حالة وأخرى”.
تجدر الإشارة إلى أنّ داء الليشمانيا منتشر، وإلى جانب اسم “حبة بغداد” تتغيّر تسمية هذا المرض بحسب المنطقة. ومن الأسماء الشعبية نذكر “حبة حلب”، و”الأخت”، و”حبة بلخ” أو “البلخية”، و”حبة السَنة”، و”القرحة الأرمينية”، “وحبة النيل”، و”الآكلة”. وهو ينتشر في المناطق الريفية أكثر من الحضرية، وبحسب نوع البيئة التي نجد فيها الحشرة حاملة الطفيلي المسؤول عن الإصابة. ويتّهم عدد من المواطنين الجهات الحكومية لعدم مكافحة الآفات الحشرية في موسم التكاثر، والسماح بتربية الحيوانات بالقرب من الأماكن السكنية، الأمر الذي زاد من انتشار الأمراض المعدية.

من جهته، يقول غسان مقداد وهو من أهالي مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، لـ”العربي الجديد”، إنّ “غياب إجراءات مكافحة الحشرات وتزايد النفايات والمخلفات الضارة تسبّبا في عودة المرض”، مضيفاً أنّه “يتوجّب على الجهات المعنية توفير العلاج لمنع انتشار العدوى خصوصاً في المناطق القروية”. ويؤكد مقداد وهو مدرّس رياضة في مدارس بعقوبة، أنّ “محافظة ديالى تعاني من انتشار الآفات الزراعية التي تؤثّر بدورها على حياة الناس، لأنّ عدم مكافحتها يعني انتشار مزيد من الأمراض بين الناس وفي المزارع”.

صحة

التحديثات الحية

وكان مرض “حبة بغداد” قد انتشر في ما بين عامَي 2015 و2017 في مخيمات النازحين في بلدة بعقوبة وبلدة خانقين التابعتَين لمحافظة ديالى، وحتى في باقي المخيمات. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن مدير ناحية العظيم عبد الجبار العبيدي التابعة لقضاء الخالص في محافظة ديالى، عن وقف انتشار مرض “حبة بغداد” بين الأطفال وأنّ الفرق الصحية نجحت في احتوائه بعد تسجيل أكثر من 50 إصابة في خلال الأسابيع الماضية، عقب حملة لعلاج المصابين بعد وصول أدوية من بعقوبة عاصمة المحافظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى