صحة ورشاقة

تفاقم حساسية الطعام في بريطانيا

زادت مشاكل حساسية الطعام في بريطانيا منذ عام 1998، مع زيادة الوفيات بسبب حساسية حليب البقر خصوصاً لدى الأطفال

توصلت دراسة جديدة، نشرتها المجلة الطبية البريطانية (BMJ) إلى أنّ الحساسية من حليب البقر هي السبب الأكثر شيوعاً لردود الفعل القاتلة لدى الأطفال وهي تؤثر بشكل متزايد على البالغين. ويقول الخبراء إنّه على الرغم من أنّ الأعداد ضئيلة، كان حليب البقر مسؤولاً عن 26 في المائة من وفيات حساسية الطعام لدى الأطفال خلال مرحلة التعليم المدرسي في بريطانيا. وتوصلت الدراسة إلى أنّ حالات الدخول إلى المستشفى بسبب حساسية الطعام قد تضاعفت ثلاث مرات على مدار العشرين عاماً الماضية. لكنّ عدد الوفيات الناجمة عن الحساسية المفرطة للطعام، وردود الفعل التحسسية الشديدة، قد انخفض، علماً أنّ الدراسة تابعت حالات الدخول إلى المستشفيات في المملكة المتحدة على مدى 20 عاماً.

صحة

التحديثات الحية

في هذا الإطار، تواصلت “العربي الجديد” مع راشيل إليس، من “مؤسسة ناتاشا لبحوث الحساسية” للتعرّف على خطوات المؤسسة للمساعدة في إنقاذ الأشخاص الذين يعانون من حساسية الطعام. تقول إليس، إنّ والدي ناتاشا، أطلقا هذه المؤسسة في عام 2019، بعد وفاة ابنتهما في عمر 15 عاماً في يوليو/ تموز 2016، من جرّاء إصابتها برد فعل تحسسي قاتل لمكونات بذور السمسم التي لم تذكر على ملصق شطيرة اشترتها من أحد المقاهي. وتوضح أنّ المؤسسة الخيرية، تعمل على رفع مستوى الوعي بحساسية الطعام من خلال التعليم والبحث.
بدورها، تقول، تانيا عدنان – لابيروس، والدة ناتاشا، التي أسست الجمعية الخيرية مع زوجها نديم لـ “العربي الجديد” إنّ حساسية الطعام مشكلة كبيرة في جميع أنحاء العالم، مع استمرار ارتفاع الحالات. تتابع أنّ حساسية حليب البقر، هي الأكثر شيوعاً بين أطفال المدارس، مشيرة إلى أطعمة أخرى تسبب حساسية الطعام بما في ذلك المكسرات والأسماك والبيض. وتنوّه عدنان – لابيروس إلى أنّنا نحتاج إلى مزيد من البحث، لفهم الحجم الكامل للمشكلة، لمعالجة وباء حساسية الطعام، لافتة إلى أنّ وضع الملصقات التي تعدد جميع المكونات الغذائية في الوجبات بشكل واضح، ضروري للحفاظ على سلامة الأشخاص الذين يعانون من حساسية الطعام. وتقول إنّ قانون ناتاشا الذي من المقرّر أن يدخل حيز التنفيذ في 1 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل في إنكلترا وويلز وأيرلندا الشمالية، والذي يتطلب وضع الملصقات الكاملة للمكونات على الوجبات المعبأة مسبقاً، سيقطع شوطاً كبيراً في معالجة هذه القضية. وهي تشجع البلدان الأخرى حول العالم على اتخاذ الخطوات اللازمة، للمساعدة في حماية الأشخاص الذين يعانون من حساسية الطعام.

الصورة

لمن يعانون من الحساسية مأكولاتهم الخاصة (أولي ميلينغتون/ Getty)

وأظهرت الدراسة أنّ 88 في المائة من عامة السكان في بريطانيا، يؤيدون قانون ناتاشا بالكامل، وسط انتشار وباء الحساسية في البلاد. ورصد مؤلفو الدراسة، وهم من جامعة “إمبريال كوليدج لندن” البريطانية، وجامعة “كريت” اليونانية، ومنظمة “أليرجي أكشن” البريطانية، البيانات المتعلقة بالحساسية، من عام 1998 إلى عام 2018. وتبين أنّ 101.891 شخصاً من جميع أنحاء المملكة المتحدة، دخلوا إلى المستشفيات خلال هذه الفترة، بسبب تفاعلات الحساسية الشديدة. وكانت حساسية الطعام هي السبب، لنحو 30.700 منهم. ومنذ بداية هذه الدراسة، ارتفع معدل الأشخاص الذين دخلوا إلى المستشفى، بسبب الحساسية المفرطة نتيجة الطعام من 1.23 شخص في كلّ 100 ألف شخص إلى 4.04 في كلّ 100 ألف شخص بحلول عام 2018. ولاحظ الباحثون أنّ أكبر زيادة هي بين الأطفال، ما دون سن 15 عاماً، إذ ارتفعت النسبة بينهم من 2.1 في كلّ 100 ألف شخص إلى 9.2 في كلّ 100 ألف، كما وجدوا أنّ 152 وفاة، تُعزى إلى ردّ فعل تحسسي شديد ناتج عن الطعام. لكنّ نسبة الوفيات انخفضت عموماً بمرور الوقت من 0.70 في المائة بين الحالات التي تدخل إلى المستشفيات بسبب حساسية الطعام، إلى 0.19 في المائة. وكانت المكسرات مسؤولة عن 46 في المائة من هذه الوفيات. لكنّ الخبراء قالوا إنّ حليب البقر مسؤول عن 26 في المائة من وفيات الأطفال و5 في المائة من وفيات البالغين، وقد تسبب حليب البقر بـ17 وفاة من أصل 66 لدى الأطفال في مرحلة التعليم المدرسي. ولفت الخبراء في بحثهم إلى أنّه منذ عام 1992، انخفضت نسبة الوفيات بسبب الفول السوداني أو الجوز، مقابل ازدياد نسبة الوفيات بسبب تناول حليب البقر. وأوضحوا أنّ معظم الأطفال الصغار الذين يعانون من الحساسية، من حليب البقر سيتغلبون عليها بمرور الوقت. لكنّهم حذّروا أولئك الذين يعانون من الحساسية المستمرة، إذ يشكّل حليب البقر تهديداً لحياتهم ويعتبر المسؤول عن أكثر من ربع الوفيات الناجمة عن الحساسية المفرطة للطعام. وفي الوقت نفسه، تحدّث الخبراء عن زيادة وصفات أقلام حقن الأدرينالين الذاتية، التي تساعد في علاج تفاعلات الحساسية الشديدة. وقد ازدادت الوصفات الطبية لهذه الحقن، خلال فترة هذه الدراسة الطويلة، بنسبة 336 في المائة.
من جهتها، قالت مؤسسة “لابيروس” الشريكة لمؤسسة “ناتاشا”، إنّ هذه الدراسة تسلّط الضوء على الحاجة الملحّة لسجل وطني للوفيات الناجمة عن الحساسية المفرطة. تابعت أنّه فقط من خلال السجل الوطني يمكن رؤية الصورة الحقيقية لأزمة الحساسية وسماع أصوات أولئك الذين ينادون لاتخاذ إجراءات، بمن في ذلك الأطباء والعائلات على حد سواء.

قضايا وناس

التحديثات الحية

بدوره، قال البروفيسور السير ستيفن هولغيت، أستاذ علم الأدوية المناعية في جامعة “ساوثهامبتون” إنّ زيادة عدد حالات الدخول إلى المستشفى بمقدار ثلاثة أضعاف بسبب حساسية الطعام خلال العقدين الماضيين كان جزءاً فقط من المشكلة. تابع أنّ نقص المتخصصين في الحساسية، يعني أنّ الحساسية المفرطة لا يجري تشخيصها أو متابعتها. كذلك، حذّر من أنّ الخسائر الحقيقية لحساسية الطعام الشديدة والمهدّدة للحياة في المملكة المتحدة قد تكون أعلى بكثير، لأنّ هذه الدراسة اقتصرت على حالات الدخول إلى المستشفيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى