صحة ورشاقة

ليبيا: جهود حكومية لتوفير علاج لأطفال مصابين بالتوحّد

نقص في مراكز العلاج الليبية (مأمونور راشد/Getty)

مشكلات عديدة تواجه الأطفال الذين يعانون اضطراب طيف التوحّد في ليبيا، لعلّ أبرزها نقص في المراكز الحكومية، فعددها لا يتجاوز الثلاثة. كذلك ثمّة شكاوى من استغلال هؤلاء الأطفال من قبل المراكز الخاصة بهم.

لجأت السلطات الطبية الليبية إلى بناء مراكز لعلاج الأطفال المصابين بالتوحّد بعد تراكم الديون الخارجية، إذ كانت تعمد إلى إرسال الأطفال للعلاج في مصر  والأردن بسبب النقص الكبير في المراكز داخلياً. والمراكز المتوفرة تقع في العاصمة طرابلس وفي سبها (جنوب غرب) وبنغازي (شرق). وقد أطلقت حكومة الوفاق الوطني السابقة، في سبتمبر/ أيلول الماضي، مشروعاً لبناء أكبر مركز للعلاج في الشمال الأفريقي، وذلك بعد إنفاقها ما يزيد عن 100 مليون يورو لعلاج الأطفال في الخارج. وقد أشارت وزارة الصحة حينها إلى بدء حصر الحالات في مختلف المدن الليبية، بهدف إصدار بطاقات لهم، على أن تستقبل الحالات المحصورة في المركز الجديد فور الانتهاء من تنفيذه. بحسب مدير إدارة الموارد البشرية في وزارة الصحة في حكومة الوفاق السابقة مختار الجديد، فإنّ المركز جاء لتعويض النقص الحاد في عدد المراكز في البلاد، بالإضافة إلى عدم تعرّض الأطفال إلى استغلال المراكز الخاصة المنتشرة في البلاد. ويذكر الجديد أنّه بالتزامن مع إنشاء مركز العلاج، فإنّ الوزارة كانت تعتزم تدريب 200 عامل صحي لتوزيعهم على المراكز في طرابلس وبنغازي وسبها، كذلك كانت تدرس إنشاء مراكز أخرى، لكنّ خطة مشروع المركز تنتظر موافقة السلطة الليبية الجديدة بعد توقّف كل الإجراءات المتعلقة بالتمويل.

صحة

التحديثات الحية

جهد غير كافٍ
إبراهيم محمود أب لطفل مصاب بالتوحّد، يعبّر لـ”العربي الجديد” عن فرحته بإنشاء المركز، غير أنّه يراه “غير كاف على الرغم من تقديمه الخدمات الطبية غير المتوفّرة في البلاد. فالأسر الفقيرة، خصوصاً في المناطق النائية، سوف تتكبد عناء السفر لمسافات طويلة حتى تتمكن من نقل الأطفال إلى المركز”. يضيف محمود أنّه يقطن في منطقة محاذية لطرابلس ويمكنه الوصول إلى مركز تاجوراء التخصصي، ويسأل “لكن ماذا بخصوص باقي الأسر في المناطق البعيدة؟ هل سوف يبقى أطفالها محرومين من الدراسة في المراكز العامة؟”، مضيفاً “إمّا عليهم الرضوخ للتكاليف الباهظة في المصحّات الخاصة وإمّا إهمال أطفالهم بسبب العجز المالي”. وبحسب آخر إحصاء تقديري لوزارة الصحة في حكومة الوفاق السابقة، سجّلت ليبيا 2383 حالة توحّد، موضحة أنّها أجرت كشوفاً لـ883 طفلاً، فيما سجّلت 1500 طفل عبر منظومتها التي أطلقتها لحصر حالات التوحّد لدى الأطفال في البلاد. تلك الأرقام تبقى تقديرية، لعدم تسجيل الأهل أطفالهم والاكتفاء بمتابعة حالاتهم في المصحات الخاصة.

مكمن المشكلة
وتعليقاً على إنشاء المركز، تقول المتخصصة في طب الأطفال وحالات التوحّد منية سليمان إنّها “خطوة جيدة، لكنّ تدريب الكوادر داخلياً غير مجد، بدليل فشل التجارب السابقة واضطرار السلطات إلى إرسال الأطفال إلى الخارج لتلقي العلاج”. وتحدّد سليمان في حديثها لـ”العربي الجديد” مكمن المشكلة من وجهة نظرها وهو “عدم الوعي لدى الأطباء”، لافتة إلى أن الحالات بمعظمها تكون بداية “في دائرة الاشتباه وذلك بالاعتماد على التشخيص الإكلينيكي بمفرده من دون استشارة أطباء آخرين”. تضيف أنّ “دمج الطفل المشتبه في إصابته مع أطفال مصابين بالفعل يزيد من سوء حالته”. وتشدد سليمان على ضرورة إنشاء مزيد من المراكز في كل المناطق الليبية، وتشرح أنّه “علاوة على تخفيف عبء التنقل والسفر على عائلات الأطفال المصابين بالتوحّد، فإنّ علاج الطفل في بيئته أمر أساسي، لا سيّما أنّه يتعلق باندماجه في مجتمعه وبيئته”.

قضايا وناس

التحديثات الحية

بيئة العلاج
وعند سؤال سليمان عن عدم تجاوب ابن محمود مع العلاج على الرغم من المحاولات في الخارج، تجيب أنّ “أخطر مراحل العلاج هي فقدان المهارات الأساسية التي يتلقاها المصاب، اجتماعياً ولغوياً (وغير ذلك). فهو يتلقاها على يد طبيب من مجتمع آخر، وعند عودته إلى بلده سوف يجد أنماطاً اجتماعية أخرى ولغة (أو لهجة) أخرى، ما يزيد عزلته ويستوجب بدء علاج جديد”. وفي حديث صحافي سابق، كانت سليمان قد رأت أنّ مشكلة الأطفال المصابين بالتوحّد، الذين أرسلوا إلى الأردن لتلقّي العلاج، بنيت في الأساس على عدم وعي لحقيقة طيف التوحّد، وعلى هذا الأساس كان إرسالهم إلى الخارج. كذلك دلّ ذلك على عدم معرفة الأسر حقيقة هذا الطيف. وأكدت بالتالي أنّ إرسال الأطفال إلى الخارج لتلقّي العلاج أمر “غير مجدٍ أساساً، وإن توفّر الدعم المالي”، مضيفة أنّ الدليل هو الأطفال الذين عولجوا في الأردن وغيره من دون أن يُسجّلوا تحسّناً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى