فن ومشاهير

مديرو أعمال الفنانين: أكثر من سكرتير… أقلّ من شريك

تسبب مدير أعمال كاظم الساهر بمشاكل عدة (كريم الشاعر/فرانس برس)

منذ أن قدم المنتج الراحل سيمون أسمر في سبعينيات القرن الماضي برنامجه الشهير “استديو الفن”، تكرست على الساحة الفنية العربية فكرة وجود مدير أعمال الفنانين، خصوصاً أن أسمر كان “صانع نجوم” حقيقيا، وتمكّن من تحويل هواة كثر إلى أسماء بارزة في عالم الغناء. قبل تلك الفترة كان أغلب الفنانين يسيّرون أعمالهم بأنفسهم أو بمساعدة أشخاص قريبين منهم بالضرورة. لكن الحال تغيّر وتبيّن أن وجود مدير أعمال، شرط أساسي لنجاح أي فنان. هكذا تطوّرت هذه “الصناعة” إن صح القول، وبات مدير الأعمال الناجح يملك معرفة عملية في مجالات مختلفة، مثل: التمويل والتسويق والعلاقات العامة، والبحث، وتحليل العمليات، ومعالجة البيانات. لكن من يملك من مديري أعمال الفنانين العرب هذه الدراية اليوم؟

في العالم العربي، وفي ظل وجود المئات من الفنانين، لا يُنظر إلى وظيفة مدير الأعمال بالجدية المطلوبة، بل يتمّ التعامل معه بصفته سكرتيراً لا أكثر، وقلة هم الفنانين الذين يتركون لمديري أعمالهم، إمكانية وضع خطط واستراتيجيات للعمل عليها. حتى أن شركة “روتانا” التي ضمت في سنوات سابقة، ما يقارب 200 فنان تتبنى إنتاجاتهم وتوزعها، أنشأت حينها قسماً لإدارة أعمال الفنانين، حُصرت مهمته في ترتيب مواعيد مشاركات الفنانين في المهرجانات وظهورهم الإعلامي.

تكرّس مدير الأعمال مع سيمون أسمر الذي أطلق بنجاح العديد من الفنانين العرب

عام 2015 بدأ في فرنسا عرض مسلسل “اتصل بمدير أعمال” أو 10 pour cent بحسب العنوان الأصلي، لاقى العمل عبر مواسمه الأربعة نجاحاً كبيراً على منصة “نتفليكس“. تدور أحداث المسلسل في قالب اجتماعي كوميدي حول أربعة من مديري أعمال لفنانين، وشارك فيه أغلب نجوم التمثيل في فرنسا. وخلال الحلقات يتابع المشاهد كيف تتم صناعة النجوم، وكيف يتحكم مديرو الأعمال ليس فقط في اختيار الأدوار والموافقة المبدئية على السيناريوهات، بل يمتد الأمر ليتضح أن مدير الأعمال من شأنه تحديد موعد نوم واستيقاظ الفنان، نوعية الأطعمة التي يتناولها، لون الملابس التي يظهر بها للجمهور، ممارسته للرياضة، وحتى العبارات التي تُكتب على منصات التواصل الاجتماعي، وعلاقاته بمن حوله. أما الفنان فليس مطالباً بأي شيء سوى أن يختار اسم المدير المناسب وأن يثق به، والتركيز على نوعية الأدوار التي يقدمها. وفي علاقة حسابية طردية، نجد أنه كلما زادت أسهم الفنان في بورصة النجوم، كلما ارتفع رصيد مدير أعماله. المسلسل نفسه قدّم بنسخة تركية ولاقى هو الآخر نجاحاً كبيراً إذ إنه ادخل المشاهد إلى عالم مجهول مرتبط بصناعة النجوم، وبالدور المنوط بمدير الأعمال.

يتضح مما سبق، أن مدير الأعمال ما هو إلا جزء من صناعة متكاملة، يهمه بالدرجة الأولى تهيئة الظروف المناسبة لفنانه كي يبدع، متولياً كل المهام التي تسهل ظهور الفنان أمام جمهوره بطريقه تجذبهم إليه ولا تنفرهم، بحيث يتفرغ الفنان لفنه فقط.

على الأرض، هناك مئات من مديري الأعمال في الساحة الفنية العربية الذين يلتحقون بفنانيهم، ويرافقونهم دائماً في حلهم وترحالهم، وقد ساهمت مواقع التواصل في تقريبهم أكثر من الجمهور. لكن إذا بحثنا عن مدى تأثيرهم الفني على فنانيهم، سنجد تبايناً واضحاً في مدى قدرتهم على إحداث الفارق في مسيرتهم المهنية.

قد يكون جيجي لامارا، أحد أشهر مديري الأعمال الذين يمتازون بقدرة على التأثير فنياً، فلامارا الذي قدم ألين خلف وجعل منها نجمة ذائعة الصيت، سرعان ما تخلى عنها بعد خلاف بينهما، وهو ما أدى إلى تراجع نجوميتها إلى حد اختفائها نهائياً عن الساحة.

سريعاً وجد رجل الأعمال المخضرم ضالته، من خلال إدارته لأعمال المراهقة وقتها نانسي عجرم. هكذا أعاد تقديمها إلى الجمهور ودوّر موهبتها من الأعمال الكلاسيكية إلى الأغاني الراقصة، فأحدث معها انفجاراً في شكل موسيقى البوب العربية. لكن عجرم التي نضجت فنياً أصاب مشروعها الفني الوهن في السنوات الأخيرة، بعدما تسرب إلى الإعلام وجود خلافات كثيرة بينها وبين لامارا، لم تصل إلى الطلاق الفني. فصارت عجرم مسؤولة عن اختيارتها الفنية وجيجي مشرفاً عن إطلالتها في الحفلات والمهرجانات. ولا ينسى جمهور “مهرجان جرش” اللقطات التي وثقها مصورو المهرجان لنانسي وجيجي وهما يتواصلان بالإشارات، تنفيذاً لخطة ظهورها الأولى على جمهور جرش عام 2004.

جيجي لامارا أطلق ألين خلف ونانسي عجرم إلى الساحة الفنية

وفي السياق نفسه، انتقلت إدارة أعمال كاظم الساهر قبل عشرة أعوام، من منذر كريم رفيق دربه منذ ظهوره الفني أواخر الثمانينيات، إلى ضرغام عويناتي. حيث فضّل كريم أن يبقى مرافقاً لصديق عمره من دون أن يتدخل بالعمل، بسبب ظروفه الصحية. وصار عويناتي ممثلاً عن الساهر في كل اتفاقياته الفنية، ومسؤولاً عن حضوره الفني والإعلامي، ونجح بالفعل في كسر عزلة الساهر الإعلامية من خلال مشاركة هذا الأخير كحكم في برنامجي “ذا فويس” و”ذا فويس كيدز”، فضلاً عن تكثيف حضوره في البرامج التلفزيونية المتعددة. إلا أن عويناتي جلب للساهر العديد من العداوات الفنية، مرة عندما صرح سالم الهندي رئيس شركة “روتانا” عن سبب القطيعة الفنية مع الساهر، ناسباً إياها إلى مدير أعماله، إضافة إلى شكوى دونتها واحدة من موظفات الأمم المتحدة عبر “فيسبوك”، قالت فيها إن مدير أعمال الساهر رفض على الرغم من كون الأخير سفيراً لليونيسف، التعاون مع المنظمة العالمية لأنها اتصلت به في وقت غير مناسب.

ضرغام عويناتي جلب لكاظم الساهر العديد من العداوات الفنية

ويبدو أن المشاكل التي سببها عويناتي، دفعت شركة “بلاتينوم” مؤخراً، لرفض تسويق ألبوم الساهر الجديد الذي أعلن عن الانتهاء من تسجيل أعماله قبل عدة أشهر، بعدما طلب من الشركة السعودية مبلغ 700 ألف دولار للتنازل عن الألبوم وتسويقه، وهو المبلغ الذي رأت الشركة أنه “مبالغا فيه” في ظل الظروف السائدة جراء تفشي فيروس كورونا. هذا الواقع دفع الساهر إلى إطلاق أغنية “الحياة” عبر صفحته الرسمية على “يوتيوب” في انتظار إيجاد حل لتسويق الألبوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى