تكنولوجيا

“باتمان” أم “سبايدرمان”: أيّ الخارقين أعلى؟

ما زالت لعبة “مارفل سبايدرمان” marvel’s spider-man الصادرة عام 2018 على منصة PS4، تزين شاشة البداية حين نريد شراء أيّ لعبة جديدة؛ فمغامرات “عنكبوت الحيّ الظريف” ما زالت تجذب الملايين، خصوصاً أنّ البعض يفضل أن يقفز ويتنقل في مدينة نيويورك التي تدور فيها أحداث اللعبة، عوضاً عن متابعة المهام المفترضة.

وعلى النقيض، هناك لعبة “باتمان: فارس أركام” Batman: Arkham Knight الصادرة عام 2015، والتي يواجه فيها الرجل الوطواط، خراب مدينة غوثام وفناءها القريب. وما يميز اللعبة أيضاً، هو أسلوب حركة “باتمان” و”طيرانه” بين الأبنية أو التحليق عالياً ليهبط على أعدائه ضارباً استقرار الأرض تحت أقدامهم. 

ما نحاول الإشارة له في هذه المقارنة هو التحليق أو أسلوب التنقل في الهواء، الذي يأسر كلّ من يلعب اللعبتين، خصوصاً أنّ الشخصيتين الرئيسيتين “باتمان” و”سبايدرمان” لا تمتلكان القدرة على الطيران، بل توظفان حبالاً وخيوطاً للتنقل، أي أنّ العلاقة بين الأرض والسماء محكومة بالعمران وارتفاعه، في سعي للهيمنة المؤقتة على الأرض، عبر امتياز السماء وما يتيحه من مراقبة وقدرة على رصد “الأسفل”. 

الاختلاف الأول في أسلوب التحليق بين الشخصيتين، يتمحور حول شخص كلّ منهما، إذ يتيح لنا الرجل العنكبوت انتقالاً شبه عشوائي، أشبه بقفزات طويلة بين الأبنية، تتخلله حركات أكروباتيّة وقفزات تجذب النظر. فلا يمكن بدقة أن نحدد أين هي نقطة الارتكاز التاليّة، هو أشبه بمن يرمي نفسه بين الأبنيّة، على العكس من الرجل الوطواط، ذاك الصارم، الذي يتحرك بدقة، بل يمكن له أن يبقى في الهواء فارداً رداءه، أشبه برعب صامت بانتظار اللحظة المناسبة. صيّاد يوظف الظلام والتكنولوجيا ليبدو شبحاً ينتظر لحظة الظهور المناسبة. 

الاختلاف الثاني يظهر في المدينة نفسها، فنيويورك يتخللها المجرمون الذين يقاتلهم الرجل العنكبوت، أي أنّ المدينة تحوي أعداء وأصدقاء، والانتقال في فضاءاتها يتطلب الوعي بأنّ هناك “مدنيين” وهم في الأصل من يعمل الرجل العنكبوت لحمايتهم، والتحرك بينهم لا يشكل خطراً، على العكس من مدينة غوثام، فكلّ من فيها أعداء، والخطر لا يمكن توقعه، فالسماء ملجأ الرجل الوطواط أشبه بمهرب من الأعداء، الذي ينهبون المدينة ويعيثون فيها فساداً. 

تسقط مدينة غوثام حين يعجز “باتمان” عن إنقاذها، وتتحول الأرض إلى مساحة خطرة، لا يمكن وطئها، لتبقى السماء ملجأ ومهرباً، ليظهر “باتمان” أثناء اللعب أشبه بمن يبحث عن مستقر لقدمه؛ فالأرض كلها مسمومة، ولا نجاة إلا عالياً، في حين أنّ نيويورك، وإن تعرضت لخطر مهيمن، لا تفقد الأرض فيها قدرتها على احتواء الناس أعداءً وأصدقاءً؛ إذ يحافظ الرجل العنكبوت على قدرته على وطء الأرض، فهي مساحة الصراع دائماً، أما السماء، فليست إلا طريقاً، لا جدال حوله، وهنا يظهر الاختلاف بين فضاء المدينتين، نيويورك مدينة حيّة “سبايدرمان” جزء صغير منها، وليس هو المسؤول عن بقائها، أما غوثام، فمن الممكن في أيّ لحظة أن تنهار وتقع تحت سيطرة “الأشرار” أرضها فخ لا بد أن يقع فيه الجميع، ولتصبح سماؤها وليلها الأمل الوحيد للنجاة. 

أكثر ما يثير المتعة في اللعبتين هو التنقل المستحيل، هذا الأسلوب في التحليق والطيران ضمن عالم مفتوح لا يعرف حدوداً، يترافق ذلك مع نظام الارتجاج في “القبضات” الأصلية لمنصة اللعب PS4، التي يتوافق ارتجاجها مع شدة السقوط أو سلاسة التحليق، ما يحقق تماهياً كبيراً مع ما يحصل على الشاشة، ويفتح المخيلة أمام الارتجال واللعب الحرّ، هناك خيارات لا متناهية بين السماء والأرض، تترك من يلعب محتاراً، هل يقفز كلاعب بهلوان بين الأبنية مع الرجل العنكبوت؟ أم يحلق برصانة ودقة لالتقاط الخطر في الأرض والهبوط كموت منتظر لفض الاشتباك مع الرجل الوطواط؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى