تنمية ذاتيةعلم نفسمدونتي

التعلق ، ما حقيقته ، وما مفهومه الصحيح

التعلق المرضي تعريف اضطراب التعلق

تعريف التعلق : هو شعور مزيف بالحب تجاه شيء ما أو شخص ما نابع عن أحتياج عظيم .

التعلق هو من أكثر الأمور التي تعمل كحجاب حاجز بينك وبين هويتك الحقيقية قبل الصحوة الروحية .

وهذه الأمور تضللك بحيث ترى نفسك من خلال الأشياء المتعلق بها ن وتنسب قيمتك الذاتية إلى هذه الأشياء ، وبالتالي فإن خسارتها بالنسبة لك

تعني إنهيار تام للصورة الوهمية التي كونتها أنت عن نفسك من خلال كل ما كنت متعلق به .

وأقصد هنا بالتعلق هو احتفاظك بالشيء أو الشخص لإعتقادك بأنه هو السبب بأستقرارك ونجاتك وبدونه لن تكون على ما يرام .

وهذه أول كذبة و وهم أعتقدت به وأقنعت به نفسك ، فكرة أنك لن تكون على ما يرام إلا بوجود هذا الشيء هي كذبة ظلامية وهمية مضللة ومهينة .

أنت كروح ، أنت أهم شيء موجود في تجربتك عبر رحلتك الأرضية هذه ، وهذه التجربة معدة للروح .

فلا يجوز أن تكون تفاصيل هذه التجربة أهم من الروح التي وهبك إياها الخالق .

الروح هي الأساس ، أنت جوهر تجربتك و أعظم قيمة في هذه الرحلة التي أخترتها .

كل التفاصيل الآخرى ( أشياء ، أشخاص ، أهداف ، ممتلكات ، أحداث ، أفكار ) هي موجودة لتخدمك أنت ،

لتساعدك في تجربتك و نموك الروحي كلها تفاصيل وجدت لإختبارها من قبلك ، للإستمتاع بها ، لتجربتها والتعلم منها .

والخلل ينشأ عندما هذه الروح النقية المتجسدة في هذا البعد المادي تذوب هويتها وتنصهر

وتنسى نفسها وتتعامل مع التفاصيل الموجودة في قصتها على أنها هي الأهم و الأساس في تجربة الروح العظيمة .

ماهو السبب الأساسي للتعلق :

في الواقع للتعلق عدة أسباب ولعل أهمها ، أن العقل الواعي يقدم أفتراضيات خاطئة ومغلوطة ، والروح لعدم قدرتها تصدق وتقتنع بها إلى أن تعتقد بها .

مثل : السبب في سعادتي وجود فلان من الناس في حياتي ، أنا ذوّ قيمة لأن فلانة أحبتني ،أنا جيد و ذوّ أخلاق لأنهم يطرون علي ويمدحونني ،

أنا ناجح لأن الناس تتكلم عن إنجازاتي ، أنا مرغوب ومحبوب لأنني أستطيع الحصول على العديد من النساء ولدي الكثير من المعجبات ،

أنا مستقر نفسياً لإن لدي وظيفة حكومية دائمة ، أنا جميلة لأنهم يتكلمون عن صفاتي ومحاسني ، أنا مبدع لإنني أستطعت إبهار فلان من الناس .

مثل هذه التحليلات والتبريرات السطحية من العقل ، ستجعلك تدخل في وهم ، وبسبب هذا الوهم ستتنازل عن ذاتك

وستتعلق بكل الأسياء التي تعتقد أنها السبب في سعادتك وجمالك وأهميتك وقيمتك و أستقرارك و أنك محبوب أو مرغوب .

و بإختصار فإن غياب الحس الروحي في تجربتك المادية هو سبب أساسي في قبولك لهذه الإجابات السطحية العقلية الخاطئة

التي تدخل في حيز وعيك وتلعب الدور الأول في تشكيل ما يدعى بال (EGO) الأنا الوهمية ، والتي هي ليس لها أي علاقة مع حقيقتك النورانية .

فهي مادية بحتة ولذلك هي دائماً قاصرة عن منحك العمق والحدس والبصيرة والإلهام و الإتصال الكوني ، و الإجابات الشافية .

التعلق شرك أكبر إن تعمق بك يجعلك تعيش أسوأ حياة ..

يقول الله تعالى في سورة البقرة : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ )

وفي سورة التوبة قال تعالى : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )

وفي الحديث النبوي للرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار )

التعلق أن تكون عبدا لما تريد وهذا خطأ ..

نحن عباد الواحد الخالق فقط المصدر الطاقي العظيم الذي إن تعلقنا به وهب لنا ما نريد وجعلنا خليفته ..

ويحضرني قول لإبن تيمية حين قال : ( ماذا يصنع بي أعدائي ..؟ أذا أخرجوني من دياري فهذه سياحة ، و إذا سجنوني فسجني خلوة ، و إن قتلوني فهذه شهادة ، أنا جنتي في قلبي ، وقلبي ملكُ ربي ، إذاً ماذا يصنع أعدائي بي .. ؟؟ )

فالحرية بعدم تعلقك بشيء سوى الإله لإن الله مهما اشتد تعلقك به لن يدعك ولن يمل منك ولن يتركك .

من تكون عبدا له( أهداف ، حب ، عمل _الخ) يؤلمك بسهولة ، ويتخلى عنك ، وذلك بسبب إعدادات القانون الكوني المُعد من الإله خالق الكون …

الناس بشكل عام لماذا تتعلق ..؟؟

إما خوفاً من وحدة ، أو لا تشعر بالأمان أو تبحث عن ذاتها وقيمتها :

  • ففي الحالة الأولى بسبب الوحدة تتعلق بشيء حتى لا تتواجه مع نفسها .
  • وعندما لا تشعر بالأمان تتعلق لأنها تنسب الآمان لشيء أو شخص أو طرف آخر .
  • وتتعلق بحثاً عن ذاتها وقيمتها لإنها لا تعرف ذاتها وفقدت إتصالها بروحها و ابتعدت عن الذات لذلك تبحث عن شخص ترى تفسها من خلاله فقط .

بمعنى آخر الشعور الذي تشعره تجاه الشيء المتعلق به ، هو شعور وهمي سببه الحقيقي غياب الحس الروحي في تجربتك ، و فقدان الإتصال بروحك .

ويأتيك نداء الروح على هيئة فقد وخسارة و خذلان و خيبة ، و كأنه نداء من العالم الآخر ( أنا روحك ، أنا حقيقتك و ماتتمسك به وهم يستعبدك ويقيد حريتك ، ويقف حجاباً بيني وبينك و بينك وبين بصيرتك و حدسك )

وبحدوث الصحوة الروحية تتهاوى مشاعر تعلقك بكل ما كنت متعلقاً به ، أنت الآن أدركت أن كل ما كنت تبحث عنه موجود في داخلك ،
يقول علي بن أبي طالب :

دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ

أَتَزعُمُ أَنَّكَ جُرمٌ صَغير وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ

فَأَنتَ الكِتابُ المُبينُ الَّذي بِأَحرُفِهِ يَظهَرُ المُضَمَرُ

وَما حاجَةٌ لَكَ مِن خارِجٍ وَفِكرُكَ فيكَ وَما تُصدِرُ

حرر أهدافك حرر من تحبهم حرر كل شيء تتعلق به وأسمح له بالتواجد في حياتك بنطاق واسع وبحرية كاملة …حينها يتجلى كل ما تريده بسهولة ..

التحرر من التعلق لا يعني أبداً التخلي او الأنفصال قد تربكنا فكرة التحرر من التعلق وقد يضيق صدرنا بسماع كلمة فك التعلق والتحرر منه

لكن كل ذلك مفاهيم خاطئة ومغلوطة تم شرحها لك و ارسال هذه المعلومة الى عقلك بطريقة ساذجة و سيئة جداً ,

ليس التخلي والانفصال عن أهدافنا وشركائنا هو حل التعلق على العكس تماماً ، إن التحرر من التعلق يدعوك للحب الحقيقي والخروج من وهم التزييف .

الحب الواعي الحقيقي ، أحبك لكني لست متعلقة بك
‏أحب وجودك في عالمي روحاً طيبة ، تزيده ألقاً وجمالاً
‏لكني أستطيع اكمال يومي بدونك ، أسعد جداً بوجودك و إن غبت لا يضرني غيابك

‏لأني مصدر هذا الحب النابض الحيّ ، والأشخاص حولي يزيدون من تدفق هذا الحب بداخلي وسريانه و هم جزء من هذا التدفق،

‏وأنا على صلة و إلتحام بكل ماهو حيّ على هذه الأرض.

فقيراً جئتُ بابك يا إلهي
ولستُ إلى عبادك بالفقيرِ

غنياً عنهمُ بيقينِ قلبي
وأطمعُ منك في الفضلِ الكبيرِ

الهي ما سألتُ سواك عونا
فحسبي العونُ من ربٍ قديرِ

الهي ما سألتُ سواك عفوا
فحسبي العفوُ من ربٍ غفورِ

الهي ما سألتُ سواك هديا
فحسبي الهديُ من ربٍ بصيرِ

إذا لم أستعن بك يا الهي
فمن عونيِ سواك ومن مجيرِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى