صحة ورشاقة

أطباء ليبيا… اختطاف وإخفاء قسري وسط ظروف العمل الصعبة بالجائحة

رحّبت البعثة الأممية في ليبيا، اليوم الاثنين، بإطلاق سراح الطبيب الليبي الصديق بن دلة الذي أعلنت وزارة داخلية حكومة “الوفاق”، مساء الأحد، عن تحريره من قبضة خاطفيه والقبض عليهم، فيما عبر فايز الرقيق، وهو طبيب ليبي وعضو نقابة الأطباء، عن استيائه من الصمت إزاء الاستهداف الذي يتعرض له القطاع الصحي وكوادره. 

وفيما دعت البعثة إلى تحقيق كامل ومستقل في حادثة اختطاف بن دلة، فضلاً عن كل حوادث الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي والاختطاف المماثلة التي تقوم بها مجموعات مسلحة في جميع أنحاء ليبيا، والتي تؤدي إلى تقويض سيادة القانون، قالت وزارة الداخلية إنّ أجهزتها الأمنية تمكنت، أمس الأحد، من القبض على المتهمين بخطف الطبيب الذي يشغل منصب رئيس قسم جراحة العظام في “مستشفى الخضراء” بطرابلس، “ومداهمة أوكارهم الإجرامية وضمان سلامة الطبيب أثناء تحريره”.

وفيما لم تكشف الوزارة عن ملابسات الحادث ودواعي خطف الطبيب الليبي، أكدت أنّ “مأموري الضبط القضائي باشروا في إجراءات الاستدلال اللازمة لإحالة القضية إلى النيابة العامة، لمباشرة الإجراءات القضائية بالخصوص حتى ينالوا الجزاء القانوني العادل ويكونوا عبرة لمن يعتبر”. 

وفي أول تعليق للحكومة، قال وزير الداخلية بحكومة “الوفاق”، فتحي باشاغا، إن “الجرائم لم تعد تقيّد ضد مجهول”، وكتب على حسابه الرسمي في “تويتر” “أصبحت أجهزتنا الأمنية أكثر قدرة وكفاءة للكشف عن مرتكبي الجرائم، وتتبعهم بمهنية رجالات الأمن الأكفاء، واستخدام وسائل تقنية متطورة. الشكر والتقدير لرجال الداخلية، والأمل معقود عليهم، وبدعم شعبنا”. 

ورغم تعهد الوزير بعد إطلاق سراح بن دلة بــ”توفير الحماية اللازمة لجميع الأطباء والكوادر الطبية المساعدة الذين يقومون بمجهودات جبارة في مواجهة جائحة كورونا”، أعرب الرقيق عن أمله في أن تكون “الوعود حقيقية”.

ويوضح الرقيق، لــ”العربي الجديد”، أنّ حادث الاختطاف “جريمة أخلاقية لم نعرف لها أسباباً، فالأطباء أبعد شريحة عن المناصب والمناكفات السياسية، فلماذا يستهدفون؟ هذا ما يجب أن تحقق فيه السلطات لا أن تكتفي بتوفير الحماية وتترك البحث عن الأسباب”. 

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تعرض طاقم طبي ليبي من ستة أفراد للاختطاف على يد مجهولين أثناء سفره من طرابلس إلى مدينة غدامس الحدودية مع الجزائر، لدعم مستشفياتها، قبل إطلاق سراحهم بعد 12 يوماً، تم فيها التفاوض من جانب المسلحين مع قوة تابعة لحكومة “الوفاق” لإطلاق سراح مسلح مقرب منهم محتجز لديها. 

وبعد حادثة الاعتداء على طاقم طبي آخر بمدينة سرت، منتصف إبريل/نيسان الماضي، اختطف الطبيب الليبي عبد المنعم الثني منتصف سبتمبر/أيلول، وأطلق سراحه بعد أيام من دون تحقيق أو بيان أسباب اختطافه.

ويعلق الرقيق “القطاع الصحي يعمل في ظروف قاهرة”، موضحاً أنّ “تهالك البنية التحتية للمراكز الصحية وجائحة كورونا التي تستلزم تكاثف الجهود، ولدوافع إنسانية قبل أن تكون مهنية، يقابلها تهديد حياتنا وأرواحنا من دون سبب”، مشدداً على ضرورة معرفة أسباب استهداف الطواقم الطبية في ظل الظرف الصحي التي تمر به البلاد والعالم. 

وفي بياناتها المتكررة، أكدت منظمة الصحة العالمية أنّ حروب ليبيا ألحقت الأضرار بــ27 مرفقاً طبياً، كما تعرض عدد من الأطباء والمسعفين لأضرار مباشرة منها الموت تحت نير الرصاص والقنابل، لكن الرقيق يتساءل “تلك ظروف الحرب، ولماذا بعد الحرب لا يزال الطبيب يعيش في دوامة الخوف إذا ما فكر في المشاركة في قافلة طبية تسافر خارج مدينته؟”. 

وفي رصد لمعاناة الأطباء في ليبيا، يقول الرقيق إن الكثير من زملائه يعملون من دون رواتب بداع إنساني لدرء خطر الوباء العالمي، وهو ما أكده تصريح سابق لرئيس المركز الوطني لمكافحة الأمراض الحكومي، بدر الدين النجار، بأنّ أكثر الأطباء “لم يحصلوا على استحقاقاتهم المالية وتعطلت لأشهر”، في الوقت الذي أعلن فيه عن وفاة أكثر من طبيب بسبب تعرضهم لفيروس كورونا على خلفية النقص الحاد في إمكانيات وقاية الأطباء. 

وسبق أن أعلن في ليبيا عن وفاة عدد من الأطباء بسبب تعرضهم للفيروس أثناء عملهم، منهم إيمان الغرياني في “مستشفى الخضراء” بطرابلس، وعيسى رمضان الأبيض في مستشفى مدينة غريان، والشارف تنتوش ومفتاح الشيباني وآخرون. 

ويضيف الرقيق “في الوقت الذي يعلن فيه عن 1000 إصابة يومياً بالفيروس نسمع باختطاف زميل لنا ومصيره مغيب، فيمكنكم تصور الوضع النفسي الذي يعمل فيه الأطباء”، لافتاً إلى أن بعض المراكز الطبية “تجاورها تماماً مقرات مسلحين يتجولون قريبا منا من دون أن نعرف لهم هوية، رغم أن اللافتة المعلقة على مقراتهم تؤكد تبعيتهم للسلطات”. 

ويؤكد الطبيب الليبي أنّ الإعلان عن نتائج التحقيق في حادثة اختطاف الطبيب بن دلة  ومعاقبة المتورطين “ستكون المعيار الحقيقي لمصداقية وعود السلطات، وإلا ستكون تعهدات الوزير كمن سبقوه”، يختم قائلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى