تكنولوجيا

“فيسبوك” تسمح لزعماء العالم بخداع وتضليل مواطنيهم

استأثر رئيس هندوراس بـ90% من التفاعلات الزائفة في بلده (أورلاندو سييرا/فرانس برس)

كشف تحقيق لصحيفة “ذا غارديان” البريطانية، يوم الاثنين، أن شركة “فيسبوك” سمحت لزعماء العالم وسياسييه باستغلال منصتها في خداع المواطنين أو مضايقة المعارضين، رغم تنبيهها إلى هذه الممارسات.

وأفادت “ذا غارديان” بأنها اطلعت على وثائق داخلية تظهر تعاطي “فيسبوك” مع أكثر من 30 قضية في 25 دولة، تتعلق بسلوك سياسي مخادع رصده موظفوها.

وبينت أن “فيسبوك” سمحت باستغلال منصتها في الدول الفقيرة غير الغربية، لكي تخصص جهودها في مكافحة الانتهاكات التي يسلط الإعلام عليها الضوء في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغنية. وفقاً للصحيفة البريطانية، سارعت “فيسبوك” إلى معالجة عمليات الخداع التي استهدفت دولاً مثل الولايات المتحدة وتايوان وكوريا الجنوبية وبولندا، بينما تحركت ببطء أو تجاهلت تماماً القضايا المماثلة في أفغانستان والعراق وتونس وتركيا ومانغوليا والمكسيك ومعظم دول أميركا اللاتينية.

قالت محللة البيانات السابقة في “فيسبوك”، صوفي جانغ، إن “فيسبوك تتجاهل الكثير من الأذى الذي يمارس عبر منصتها، لأنها لا تعتبره مصدر تهديد لعلاقاتها العامة”، مضيفة أن “فيسبوك لا تتحمل ثمن ذلك، بل يتحملها العالم كله”.

طردت “فيسبوك” جانغ بسبب أدائها الضعيف في سبتمبر/ أيلول عام 2020. في يوم جانغ الأخير لدى الشركة، نشرت مذكرة من 7800 كلمة، وصفت فيها رصدها “محاولات عدة من حكومات أجنبية لاستغلال المنصة، على نطاق واسع، في تضليل مواطنيها”. وأضافت: “أعلم أن يدي ملوثة بالدماء”، وفق ما نقل موقع “بازفيد” الإخباري أولاً في سبتمبر/ أيلول الماضي.

تتحدث جانغ حالياً على العلن، علّها تجبر “فيسبوك” على اتخاذ الإجراءات المناسبة.

تعهدت “فيسبوك” بمكافحة عمليات الاحتيال السياسي عبر منصتها بعد فضيحة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016. لكنها فشلت مراراً وتكراراً في اتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب، عندما قُدمت إليها أدلة على تفشي التلاعب وإساءة استخدام أدواتها من قبل الزعماء السياسيين في أنحاء العالم كافة.

في حديث لـ”ذا غارديان”، قال متحدث باسم “فيسبوك” إنه لا يتفق مع توصيفات الموظفة السابقة بشأن جهود الشركة، مشيراً إلى أن “أكثر من 100 شبكة من السلوكيات المنسقة غير الأصيلة أزيلت من فيسبوك، كان نصفها تقريباً شبكات محلية تعمل في بلدان حول العالم، بما في ذلك تلك الموجودة في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي منطقة آسيا والمحيط الهادئ”.

كيف يتلاعب زعماء العالم بالمواطنين عبر “فيسبوك”؟ إحدى الطرق هي التفاعل الزائف، من “إعجابات” وتعليقات ومشاركة، من طريق حسابات زائفة ذات سلوك منسق. التفاعل الزائف لا يساهم فقط في تشكيل صورة زعيم ما لدى الرأي العام، بل يؤثر في خوارزميات “فيسبوك” المتعلقة بالأخبار.

المثال الأبرز على التفاعل الزائف، ما قدمته صوفي جانغ بشأن رئيس هندوراس خوان أورلاندو هيرنانديز. في أغسطس/ آب عام 2018، كان هيرنانديز يستأثر بـ90 في المائة من العمليات الزائفة والمنسقة في الدول الصغيرة الواقعة في أميركا الوسطى. حينها، كشفت جانغ أن موظفي هيرنانديز شاركوا مباشرة في هذه الحملة الزائفة، لتعزيز المحتوى على صفحته على “فيسبوك” بمئات آلاف “الإعجابات” الوهمية.

كان أحد مديري صفحة هيرنانديز الرسمية على “فيسبوك” يدير أيضاً مئات الصفحات الأخرى التي تعد لتشبه ملفات تعريف المستخدمين. استخدم الموظف الصفحات الوهمية لتقديم إعجابات وهمية على مشاركات هيرنانديز.

هذه الطريقة في الحصول على تفاعل مزيف أصبحت ممكنة بفضل ثغرة في سياسات “فيسبوك”؛ تتطلب الشركة أن تكون حسابات المستخدمين أصيلة، وتمنع المستخدمين من امتلاك أكثر من حساب واحد، لكن ليس لديها قواعد مماثلة لإدارة الصفحات القادرة على مشاركة تفاعلات عدة على غرار الحسابات العادية.

لم تسدّ “فيسبوك” هذه الثغرة حينها، واستغلها الحزب الحاكم في أذربيجان، لترك ملايين التعليقات المسيئة على صفحات “فيسبوك” التابعة لوسائل إخبارية مستقلة وسياسيين معارضين أذربيجانيين.

وفقاً لـ”ذا غارديان”، استغرقت “فيسبوك” أكثر من عام لإزالة شبكة هندوراس، و14 شهراً لإزالة حملة أذربيجان. في الحالتين، سمحت “فيسبوك” بتكرار الإساءة. ونقلت الصحيفة البريطانية، عن الموظفة السابقة في “فيسبوك”، قولها إن الشركة أكدت أن أولويتها للدول المتقدمة والمناطق التي تحقق انتشاراً أوسع لها، وتحديداً الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وخصومها الأجانب مثل روسيا وإيران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى