تكنولوجيا

“غاب”… المنصة المفضلة لشعبويي أميركا

يلجأ مؤيدو ترامب إلى “غاب” بعد طرده من المنصات الشهيرة (فرانس برس)

نهاية الأسبوع الماضي، توجّهت الأنظار إلى منصة “غاب” مجدداً، بعد انتشار خبرٍ عن عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى منصات التواصل الاجتماعي عبرها. وسائل إعلام عربية وعالمية نشرت الخبر الخاطئ، إذ نشر حساب باسم ترامب على المنصّة منشوراً جديداً يتضمّن رسالةً لمحاميه، يوم الجمعة الماضي. قالت وسائل الإعلام تلك إنّ “ترامب كسر صمته” الذي فُرض عليه بعد أن أزيلت حساباته، بعضها بشكلٍ نهائي، عن منصات التواصل الاجتماعي الأميركيّة الأشهر، يوم الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي، وأبرزها “تويتر” الذي كان يفضّله ترامب، وينسخ شكله “غاب”. لكنّ الرئيس التنفيذي لشركة “غاب”، أندرو توربا، أكّد أنّ ترامب لا يستخدم المنصّة، بل إنّ الحساب تديره المنصّة نفسها منذ سنوات، وهو مرآة لمنشورات وتصريحات ترامب، حسب ما أكّد موقع “بيزنس إنسايدر” الذي صحّح خبره. وقال توربا إنّ المنصة كانت ولا تزال شفّافة بهذا الخصوص، وستقوم بالإعلان رسمياً حين يقوم ترامب نفسه بتشغيل الحساب. 

ما هي المنصة؟
“غاب” شبكة اجتماعية بديلة تحظى بشعبية لدى المحافظين وأقصى اليمين والمتطرفين. وزادت شعبيتها بعد أن تمت إزالة شبكة التواصل الاجتماعي المحافظة “بارلر” من الإنترنت في أعقاب اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني. يوم الثامن من الشهر نفسه، حظرت أغلب المنصّات حسابات ترامب، وألحقتها بحسابات تنشر نظريّات المؤامرة من قبل مؤيدي ترامب. وفي التاسع من الشهر الماضي، غرّدت منصّة “غاب” بأنّها تستقطب أكثر من 10 آلاف مستخدم في الساعة، وأنّها استقبلت 12 مليون زيارة في الساعات الـ12 التي تلت حظر ترامب. 

لكنّ “غاب” ليست بجديدة في عالم مواقع التواصل الاجتماعي الأميركيّة، وهي ليست المرة الأولى التي تثير فيها الجدل بسبب المحتوى الذي يُنشر عليها، والزائرين الذين تستقطبهم. فالمنصّة تستقطب المحافظين والمتطرفين وأصبحت ملاذاً لمؤيدي ترامب المطرودين من الشبكة، بعدما تمّ طرد منصّة “بارلر” عن الإنترنت الشهر الماضي، بسبب محتواها أيضاً، قبل أن يعود موقعها على الإنترنت لاحقاً. 

تأسست شركة Gab عام 2016، وهي تصنف نفسها على أنها “الشبكة الاجتماعية لحرية التعبير” مع مهمة “الدفاع عن حرية التعبير على الإنترنت وحمايتها والحفاظ عليها لجميع الأشخاص”، وفقاً لوصف موقعها على الإنترنت. وتأسّست “غاب” على يد أندرو توربا، رئيسها التنفيذي الحالي، وهو رجل أعمال مؤيد لدونالد ترامب، ويصف نفسه بأنه “مسيحي جمهوري محافظ”. وقد أنشأ المنصة كشبكة بديلة بعد التقارير التي تفيد بأن المنصات الاجتماعية مثل “فيسبوك” كانت متحيزة ضد المحافظين.

تبدو المنصة وكأنها موقع “تويتر” آخر، فهي شبيهة به، كما تبدو مزيجاً بينه وبين موقع “فيسبوك”. يمكن لمستخدميها نشر ما يعتبرونه “ثرثرة” لا تزيد عن 300 حرف. لكن، على عكس شبكات التواصل الاجتماعي السائدة، لا تراجع “غاب” المحتوى الذي ينشره المستخدمون. وينقل موقع المنصة عن إدارته قولها: “نعتقد أن مستقبل النشر عبر الإنترنت لامركزي ومفتوح”، “نعتقد أن مستخدمي الشبكات الاجتماعية يجب أن يكونوا قادرين على التحكم في تجربة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم وفقاً لشروطهم الخاصة، بدلاً من الشروط التي حددتها شركات التكنولوجيا الكبرى”. وفي إبريل/نيسان 2020، قالت “غاب” إن لديها أكثر من مليون ومئة ألف حساب مسجل، و3.7 ملايين زائر شهرياً على مستوى العالم.

لماذا تثير الجدل؟
أفسح نهج “غاب” المتراخي في مراجعة المحتوى الطريق أمام عدد كبير من نظريات المؤامرة والمعلومات المضللة والكثير من الكراهية والمنشورات العنصرية، وهو ما لا يُسمَح به في الشبكات الاجتماعية الكبرى. ويعد التطبيق موطناً لبعض الشخصيات المحافظة البارزة، مثل ريتشارد سبنسر وأليكس جونز، الذين تم حظرهم من منصات التواصل الاجتماعي السائدة مثل “فيسبوك” و”تويتر”. بعد حظر “تويتر” حساب دونالد ترامب، كان مسؤولو البيت الأبيض يفكرون في إنشاء حساب للرئيس على “غاب”، لكن جاريد كوشنر رفض هذه الفكرة بسبب “خطاب معاد للسامية” على الشبكة، حسب ما ذكرت عدة وسائل إعلاميّة بينها “بلومبيرغ” و”ذا هيل”. 

عام 2018، خضع موقع “غاب” للتدقيق العام لأول مرة بعد اكتشاف أن المسلح الذي هاجم كنيس بيتسبرغ استخدم الشبكة لتهديد اليهود واستهدافهم. وعرض بروفايل المتهم رسالة تقول: “لا يمكنني الجلوس ومشاهدة شعبي وهم يذبحون. فلتسقط نظرتكم، أنا ذاهب”. بعدها قُتل 11 شخصاً في الكنيس. تم إجبار المنصة على التوقف بعد أن تم حظرها من قبل معالجات الدفع عبر “بايبال” و”ستريب” إلى جانب شركة نطاقات الإنترنت “غودادي” وخدمة استضافة المواقع “جولينت” بسبب انتهاك قوانين منع خطاب الكراهية. وأشارت “غاب” في بيان لها في 2018، إلى أنها “تدين جميع أعمال الإرهاب والعنف”، وأنها علّقت الحساب واتصلت بمكتب التحقيقات الفيدرالي. وعلى الرغم من محاولات شركات التكنولوجيا الكبرى إغلاق الشبكة، تمكنت شركة “غاب” من البقاء على الإنترنت. ويخضع موقعها الآن لشركة نطاقات مختلفة، Epik، التي رحّبت بالمنصة في 2018.

مصير “غاب”
رفعت رابطة مكافحة التشهير الأميركية دعوى لإجراء تحقيق جنائي لتحديد ما إذا كانت المنصة قد “ساعدت عن عمد أو تآمرت مع أو وجهت” أولئك الذين هاجموا مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني. وقالت المجموعة المناهضة للكراهية في خطاب مفتوح، الشهر الماضي، إن هناك تقريراً واحداً على الأقل مفاده أن مستخدمي “غاب” تبادلوا “الاتجاهات التي يجب اتباعها في الشوارع لتجنب الشرطة والأدوات التي يجب إحضارها للمساعدة في فتح الأبواب”. 

كما استشهدت بمنشورات من توربا نفسه تخبر المستخدمين “بالتوجه إلى العاصمة” لتسجيل اللقطات في الوضع الأفقي أثناء التصوير” و”التوثيق بقدر ما تستطيعون”. وتستشهد كذلك بمنشور توربا في يوم الهجوم، الذي قال فيه: “في نظام انتخابات مزورة، لم تعد هناك أية حلول سياسية قابلة للتطبيق”. من جانبه، رد توربا على المنظمة بأنها “ليس لها سلطة على “غاب” ولهذا يكرهوننا. لن نذعن أبداً لمطالبهم ولن نفرض رقابة أبداً على التعبير المحمي بالدستور، والذي يؤذي مشاعرها، على الإطلاق”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى